العالم

معتقدات وتقاليد يمنية قديمة.. هل ما زالت قائمة؟

غمدان الدقيمي
09 يونيو 2020

تواظب اليمنية ليلى (55 عاما) حتى اليوم على تقديم النذور والسمن البلدي والشموع إلى ضريح الشيخ "المعشر" في عزلتها الريفية التابعة لقضاء الحجرية، اعتقادا منها "لما يتمتع به صاحب الضريح من قدرات وكرامات خارقة".

و"المعشر"، هو أحد أعلام الصوفية الذين تنتشر اضرحتهم على هيئة قباب في كثير من مناطق جنوبي وشرقي اليمن.

ولايزال عدد غير قليل من هذه الأضرحة خصوصا في محافظتي تعز وحضرموت تشكل مزارا لكثير من اليمنيين الذين يحيطونها بهالة من القدسية والطقوس الصوفية المتوارثة منذ مئات السنين.

وبصورة عامة، لا تختلف هذه الطقوس كثيرا عن الموالد والطقوس الفردية والجماعية السائدة التي تقام بالمزارات الصوفية في عدد من الدول العربية الأخرى، مثل مزار الإمام الصوفي "أحمد الرفاعي" في مصر، ومزار السيدة منوبية الصوفي الشهير في تونس، ومرقد الإمام "عبد القادر الكيلاني" في العراق.

تقول ليلى "نقيم له الموالد ونتهدى له حتى بالأشياء الثمينة والحيوانات لأنه يستطيع معالجة كثير من الأمراض وطرد الجن (الأرواح الشريرة)، ونحن نؤمن بذلك".

وتوضح لموقع (ارفع صوتك) إنه في حال نذر شخص ما لهذا الشيخ بأي نذر ولم يوف به يصاب بلعنة وتلحق به أشياء سيئة.

وهذه واحدة من بين عادات وتقاليد يمنية قديمة كثيرة، ما زال بعض اليمنيين يعتقدون بها ويمارسونها، رغم انحسارها في غالبية مناطق البلاد بفعل تغير الثقافات وانتشار التعليم والتطور في مجال الصحة.

حفلا دينيا سنويا

في منطقة المقاطرة التابعة لمحافظة "لحج" جنوبي اليمن، كان الرجال والنساء يتوافدون على ضريح الشيخ "ثابت" حتى وقت قريب طلبا للشفاء من العقم والأمراض المستعصية وطرد الأرواح الشريرة، بحسب اعتقادهم.

يقول فؤاد المقطري، وهو صحافي يمني "كان الرجال يقيمون له حفلا دينيا سنويا يسمى الجمع، حيث يتوافدون إلى هنا (موقع الضريح) من عدة مناطق وفقا لأعراف وتقاليد صارمة على وقع دقات الطبول وهم يحملون البيارق والرايات الخضراء والسوداء وينشدون تواشيح دينية خاصة بالمناسبة".

ويؤكد المقطري لموقع (ارفع صوتك)، "كان هذا اليوم بمثابة عيد للأطفال، وهو كذلك للتجار الذين يجدون فيه فرصة لترويج بضائع غير مألوفة، خصوصا للأطفال في المنطقة".

للتنفس والاستراحة

والأسبوع الماضي، أطلق ناشطون يمنيون على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك جروب تحت وسم "معتقدات وتقاليد يمنية قديمة".

يهتم الجروب الذي شهد تفاعلا كبيرا، بالمعتقدات والتقاليد اليمنية القديمة المرتبطة بالموروث الشعبي من أمثال ومعتقدات وخرافات لا يزال يؤمن بها البعض حتى اليوم.

وخلال أقل من أسبوع تجاوز عدد أعضاء الجروب 20 ألف عضو، بينهم إعلاميون وسياسيون ومسؤولون حكوميون وجدوا فيه ضالتهم للتنفس والاستراحة.

وعزا البعض هذا التفاعل الكبير إلى "محاولة اليمنيين الهروب من أخبار الحرب والسياسة والموت في زمن الكورونا".

أمثله أخرى

ومن المفارقات أن طائر الوطواط أو "الخفاش"، والذي بات على لائحة الاتهام عالمياً بتصدير وباء كورونا، كان جناحاه في بعض المناطق اليمنية جزءا المعتقدات.

ونشر عضو في الجروب أن الأمهات كنّ إلى وقتٍ قريب، يذهبن بأطفالهن حديثي الولادة إلى وادٍ في وقت الغسق، حيث يقمن بعد الامساك بخفاش بصب الماء على جناحه وسقي الطفل من قطراته المتساقطة من الجناح اعتقادا منهن بان ذلك يكسب الطفل "الذكاء".

لكن، لم يعد هذا الاعتقاد، على ندرته وغرابته، سائداً اليوم.

وعادة أخرى كانت سائدة في بعض المناطق اليمنية، إذا طفل اشتكى من ألم في اذنه، يتم أخذه إلى امرأة مرضعة أخرى غير امه لتقطر له من حليبها في الاذن التي تؤلمه، حيث أكد بعض المعلقين بأنها كانت طريقة ناجعة في التخلص من الألم.

وفي مديرية يريم جنوبي صنعاء، كانت المرأة التي لا تنجب تذهب إلى مكان يسمى "الطحسوس"، وهي عباره عن صخرة كبيرة سوداء وملساء تقوم المرأة بخلع بنطلونها والتزحلق فوق هذه الصخرة عدة مرات، ثم تعود للنوم مع زوجها، وإذا حصل الحمل يطلقون على المولود إبن الطحسوس، كما نشر أحد المشاركين في الجروب.

في تهامة غرب اليمن، وتحديدا في عبس بمحافظة حجة، كان الناس يهرعون أثناء الصواعق الرعدية وهطول المطر إلى خلع أي ملابس تحتوي على اللون الأحمر، لاعتقادهم أن اللون الأحمر يجذب البرق.

التخلف والجهل

إلى ذلك يقول الصحافي فؤاد المقطري "في معظم المناطق اليمنية لم تعد هذه العادات سائدة الآن، بفعل تغير الحال والزمن وانتشار التعليم والتطور المحدود في مجال الرعاية الصحية".

ويرى المقطري أن الجهل والتخلف كان السبب في تفشي هذه العادات، "كان الاعتقاد راسخا بالسحر والشعوذة والأرواح الشريرة، وعلى أساس هذا التفكير الخرافي كان يتم تفسير الظواهر والأمراض المزمنة والمستعصية".

   
غياب الدولة

من جانبه، يقول مروان المغربي، وهو باحث اجتماعي يمني، إن السبب الرئيسي لمثل هذه الاعتقادات الخاطئة هو "غياب الدولة بمفهومها الشامل".

ويوضح لموقع (ارفع صوتك)، "إذا انهارت الدول تنهار معها المنظومة التعليمية ويتراجع العلم، وتنهار المؤسسات الطبية وتعم الفوضى ويستبدل العلم بالخرافات والطب بالشعوذة".

ويعتبر المغربي أن زعماء القبائل والتيارات الدينية هم أول المنظرين للفوضى وان العامة تتبعهم لزعامتهم "ولا أستبعد تكرار مثل هذه العادات في أي مكان من العالم في حال غابت الدولة لعقود".

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.