صحيفة أميركية: التحرش الجنسي والتنمر مستمران حتى في العمل عن بُعد
الكثير من العاملين والعاملات حول العالم، أسعدهم تواجدهم داخل المنازل للعمل في فترات الحجر الصحي وحظر التجوّل، خصوصاً أن العمل خارج مكاتبهم أبعدهم عن بيئات عمل سامّة، يتزايد فيها التنمّر والتحرّش بمختلف أنواعه.
لكن الصورة ليست ورديّة تماماً، فمن جهة يعاني البعض من مشاكل داخل المنزل، ومن أخرى لم يسلم من التنمّر والتحرّش عبر زملائه أو مدرائه، بطرق جديدة.
صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تناولت هذا الموضوع، عبر لقاء محامين في مختصّين بمتابعة مشاكل داخل أماكن العمل.
مكالمات الفيديو
تقول سوزان ماكي وهي محامية توظيف، مقرها لندن، ويعمل أكثر زبائنها في مجال التمويل، إنها سمعت عن حدوث مضايقات أثناء العمل في البيت أكثر مما كان قبل الإغلاق.
لغة التهديد والوعيد انتقلت من اللقاءات وجهاً لوجه في أماكن العمل، إلى تطبيق واتساب والرسائل النصية عبر الهواتف الشخصية، حسب ماكي.
وتلاحظ المحامية "ارتفاعًا واضحًا في الشكاوى من التحرش الجنسي والترهيب العنصري" على سبيل المثال، أبلغ عملاؤها عن استبعادهم من الاجتماعات ومضايقتهم واستفزازهم عبر مكالمات الفيديو، في المقابل كان من الصعب القيام بها في مكتب بحضور المتفرجين، كما أن مغادرة غرفة الاجتماعات في السابق ليست سهلة، بينما يتم تعليق مكالمة فيديو أثناء الاجتماعات الافتراضية.
"استخدم المدراء الإجازة كشكل من أشكال التسلّط على الأقليات، سواء عبر إجبارهم على أخذها أو رفض الإجازة إذا طلبوها".
ووفقًا لمحامي توظيف آخر في لندن، يعمل زبائنه في مجال التمويل أيضاً، أدى العمل عن بُعد خلال أزمة كوفيد-19 إلى التحرّش لسببين: أولاً، أن التواصل إلكترونياً يوفر ميزة عدم كشف الهوية، ما يجعل الناس تقوم بأمور لا يمكنها فعلها في التعامل المباشر، مثلما يحدث في مواقع التواصل وبين طلبة المدارس.
أما السبب الثاني، حسب المحامي نفسه، فهو أن الضغط النفسي والإجهاد المتواصل الناجم عن الحجر الصحي، أدى لانهيار بعض علاقات العمل، ما أدّى إلى تزايد تبادل تعليقات غير لائقة وأخرى تشوّه سمعة الفرد عبر المكالمات والرسائل النصيّة.
التحرّش وضعف الاقتصاد
إذا كان التاريخ يمثل أي دليل، فإن الضعف الاقتصادي يمكن أن يولد التحرش، كما تقول الأستاذة المساعدة في علم الاجتماع وأنثروبولوجيا في جامعة تل أبيب، ألكسندرا كاليف.
وتضيف أن "رسوم التحرش في مكان العمل ارتفعت في فترة الركود الكبير إلى رقم قياسي منذ عقدين. باستخدام بيانات من لجنة تكافؤ فرص العمل الأمريكية".
"معدل رسوم التحرش عام 2008 ارتفع إلى 33 لكل 1000 موظف، وهي قفزة كانت أعلى أربع مرات من معدل الزيادة في العقود السابقة، بالتزامن مع انعدام الأمن" حسب كاليف.
ويرد في المقال أن الحدود فعلياً بين العمل والحياة الخاصة غير واضحة، مما قد يسهل التحرش، وفي العمل المنزلي بات الأمر أسهل.
فمكالمات الفيديو جعلت الناس ينفتحون على حياة بعضهم البعض، ما جلب نوعاً من الألفة حين يرى كل منهم جزءاً من مكان سكن الآخر، فيجعل زملاء العمل أقل حذراً في التعامل مع بعضهم، وأقل رسميّة، ويمكن بسهولة تتبع تعليق حول خزانة كتب جميلة في الخلفية بملاحظات غير مرغوبة حول مظهر الشخص أو مزحة غير لائقة، وهو وضع غير مريح "واجهته بنفسي"، تقول الكاتبة إليسا مارتينوزي.
ما الحل؟
تقول المحامية سوزان ماكي إن بعض الشركات في الولايات المتحدة، أجلت التحقيقات في حالات التحرش بسبب أزمة كورونا، وهو ليس مشجعاً، كما مددت بعض الولايات مثل كونيتيكت، المواعيد النهائية لإجراء تدريب إلزامي للتحرش الجنسي تم إدراجه في لوائح العديد من المؤسسات بعد حركة #Metoo.
وتقول ماكي "يجب على المديرين التنفيذيين في الشركة الانتباه. نظرًا لأن العديد من الأشخاص يواصلون العمل عن بُعد ويبدأ آخرون في الانتقال مرة أخرى إلى المكتب، سيتعين على أرباب العمل إعطاء الأولوية لاستئصال السلوك غير اللائق وإساءة معاملة الموظفين. كما يتعين على الصناعات مثل التمويل تحسين سجلها الرهيب بشأن التحرش".
ويؤدي التنمر والمضايقة إلى استمرار عدم المساواة في المنظمات، وذلك عادة من خلال منع النساء والأقليات الذين غالبًا ما يكونون مستهدفين، من التقدم. هذا السلوك يضر بالإنتاجية ويضر بالصحة العقلية والبدنية وينتج عنه التغيب وارتفاع معدل دوران الموظفين ويصرف انتباه الإدارة.
"لا يوجد حل سريع" يورد المقال، مضيفاً "شغل مناصب إدارية مع عدد أكبر من النساء، حل واحد شائع، لكنه ليس الدواء الشافي. حيث وجدت دراسة حديثة حول التحرش في السويد والولايات المتحدة واليابان أن النساء اللواتي يتم ترقيتهن إلى مناصب قيادية يمكن أن يواجهن المزيد من التحرش".