العالم

أسواق "القات" في اليمن بؤرة لتفشي فيروس كورونا

غمدان الدقيمي
22 يونيو 2020

يتردد اليمني نصيب أحمد (52 عاما)، يوميا على سوق القات المزدحم بالقرب من منزله غربي صنعاء لشراء النبات المنشط غير مباليا بخطر إصابته بفيروس كورونا القاتل.

وتزدحم أسواق القات المنتشرة في اليمن بمئات آلاف اليمنيين الذين يقبلون عليها لشراء هذه النبتة، وهي أوراق خضراء يواظب الملايين على مضغها بشكل يومي بعد وجبة الغداء.

وتصنف منظمة الصحة العالمية "القات" كمادة يمكن الإدمان عليها.

والقات منشط طبيعي طالما اعتبر مضغه تقليدا اجتماعيا شعبيا، ورافق جلسات الأصدقاء ليلا ونهارا في اليمن منذ مئات السنين.

ويحذر الأطباء من أن هذه الأسواق المزدحمة ومضغ القات في جلسات جماعية وبصقه يساعد في انتشار فيروس كورونا.

لا يستطيع البقاء من دون قات

ولا يكترث نصيب أحمد لاحتمال إصابته بفيروس كورونا، فهو لا يتخذ أي وسيلة من وسائل الحماية والوقاية عند زيارته سوق القات، ويقول إنه لا يستطيع البقاء يوما واحدا دون تناول القات.

ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "إذا لم أتناول القات أشعر بخمول في جسدي، وعدم القدرة على العمل، أصبحنا مدمنين رسميا".

ويتابع "لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا. الله تعالى هو الحافظ من كورونا".

من جانبه، يقول مصطفى حاشد، وهو أحد الزبائن القليلين الذين يرتدون كمامات عند الذهاب لشراء القات، "ما زال الناس مقبلين بكثرة على أسواق القات رغم المخاوف من كورونا، أنا شخصيا أغسل القات يوميا قبل تناوله لأضمن خلوه من كورونا".

وأوضح حاشد أنه منذ بدأ فيروس كورونا بالانتشار اعتزل تجمعات مضغ القات.

وخوفا من كورونا ترك بعض اليمنيين مؤقتا تعاطي القات الذي اعتادوا على تناوله بشكل يومي لسنوات طويلة.

دخل جيد

ويدر بيع القات على نجيب معيض، وهو بائع قات في صنعاء ورث هذه المهنة عن والده، دخلا جيدا.

يقول لموقعنا، "منذ أكثر من 15 سنة وأنا أبيع القات، ورغم كورونا إلا أن الزبائن يتوافدون يوميا لشراء القات. هذا مصدر رزقي الوحيد ولا أستطيع التوقف عن العمل".

ويتابع "لدي ثلاثة إخوان هم أيضا يبيعون القات في أسواق متفرقة داخل صنعاء. لكن كما تلاحظ أنا البس كمامة وقفازات ولا أصافح أحد من زبائني بهدف الوقاية من كورونا".

"مأساوي كارثي"

وتشهد اليمن حربا دامية منذ أكثر من خمس سنوات بين الحكومة المعترف بها دوليا المدعومة من تحالف سني تقوده السعودية من جهة، والحوثيين المتحالفين مع إيران من جهة ثانية.

وتتخذ الحكومة المدعومة من السعودية مدينة عدن الجنوبية مقرا لها، بينما تسيطر جماعة الحوثي على صنعاء ومحافظات شمال البلاد ذات الكثافة السكانية.

وفشل الجانبين المتنازعين في إغلاق أسواق القات.

ويعتبر يوسف الحاضري المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة للحوثيين "التزاحم بأسواق القات هو مأساوي كارثي، إذا كان هناك حالة إصابة سواء من صاحب القات البائع أو المشتري أو الزبائن أو حتى الأكياس أو العملات النقدية التي يتعامل بها ربما تؤدي إلى كارثة".

ويضيف لوكالة "رويترز"، أن الوزارة اتخذت "إجراءات حازمة وصارمة في هذا الجانب، على الأقل بالتدريج في هذا الجانب، بالتعاون مع شركائنا فتم أيضا إغلاق الأسواق وفتح منفذ واحد لأي سوق (قات) بحيث يكون الدخول منه والخروج منه بتعقيم ولبس كمامات أيضا عندما يكون هناك على صاحب القات أي ازدحام".

لكن هذه الاجراءات لا تشمل سوى جزء بسيط جدا من أسواق القات بصنعاء.

وقبل أكثر من شهرين قررت جماعة الحوثيين إغلاق أسواق القات الحالية ونقلها إلى أماكن مفتوحة، لكنها لم تنجح.

كذلك حاولت الحكومة اليمنية في عدن إغلاق أسواق القات لكنها فشلت.

غياب عمليات الرصد

وتقول الأمم المتحدة إن "فيروس كورونا ينتشر في اليمن في ظل غياب عمليات الرصد بين سكان البلد المقسم... مع انهيار النظام الصحي".

وأعلنت السلطات الصحية في صنعاء وعدن أن الفيروس تسبب بوفاة 257 شخصا من بين 945 أصيبوا في البلد الفقير.

وتقول مصادر طبية مطلعة إن عدد المصابين بالفيروس والوفيات الناتجة عنه أكبر بكثير مما أعلنته السلطات حتى الآن.

ويملك اليمن، الذي يعاني سكانه من أسوأ أزمة إنسانية قدرات محدودة لإجراء اختبارات الكشف عن هذا الفيروس.

أرقام

وحتى عشية اندلاع النزاع الدامي في البلاد مطلع العام 2015، كان اليمنيون ينفقون نحو 4 مليارات دولار لشراء القات سنوياً، حسب ما يقول خبراء اقتصاديون يمنيون.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن نحو 90% من الذكور البالغين يمضغون القات لأكثر من أربع ساعات يومياً في اليمن.

وتناهز نسبة الإناث اللواتي يتعاطين القات بشكل متكرر نسبياً نحو 73% في البلد العربي الفقير البالغ عدد سكانه نحو 28 مليون نسمة نصفهم من الإناث.

وتشير دراسات وتقارير محلية ودولية إلى أن القات يستحوذ على أكثر من 50% من دخل الأسرة اليمنية المتواضع أساسا (لا يتجاوز متوسطه 6 دولارات في اليوم).

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.