العالم

بسبب الحرب.. اليمن تغرق بالدراجات النارية

غمدان الدقيمي
30 يونيو 2020

مع تدهور الوضع المعيشي في اليمن بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات، أتجه كثيرون صوب العمل على الدراجات النارية، التي أصبحت مصدراً رئيسياً لكسب العيش يعتمد عليه كثير ممن فقدوا أعمالهم ورواتبهم خاصة في القطاعين الحكومي والخاص.

واليوم تغرق مدن يمنية عدة بينها العاصمة صنعاء بالدراجات النارية، في صورة تعبيرية تجسد حالة الفقر والبطالة المتفاقمة.

"مصدر رزقي الوحيد"

لم يعد محمد الصنعاني، وهو موظف يمني في القطاع الحكومي انقطع راتبه منذ أكثر من ثلاث سنوات، يفكر كثيراً - كما يقول- في كيفية تأمين قوت أسرته المكونة من خمسة أفراد، منذ تمكنه قبل نحو عامين ونصف في امتلاك دراجة نارية، باتت توفر له دخلاً يومياً مناسباً لإعانته على تكاليف حياته المعيشية البسيطة.

يقول محمد الصنعاني لموقع (ارفع صوتك)، "بحثت طويلا عن عمل ولم أجد، عشت أوضاعاً معيشية صعبة، وبعد استنفاد كل الخيارات المتاحة، استلفت مبلغاً من المال لشراء دراجة نارية للعمل عليها، الحمد لله أصبحت مصدر رزقي الوحيد".

ويضيف، "هذا أفضل من الجلوس في البيت دون عمل لأن ذلك ربما يصيبني بحالة نفسية".
وبينما كان الصنعاني واقفاً أمام سوق شعبي شرقي صنعاء، تضاعف اعتماد الشباب ومن فقدوا أعمالهم على الدراجات النارية كوسيلة لكسب العيش.

ويوضح الصنعاني أنه يعمل في اليوم أكثر من عشر ساعات، غالبا يكسب ما لا يقل عن 3 آلاف ريال يمني (4.8 دولار أمريكي)، وأحيانا يعود بأقل من ذلك وما تحتاجه دراجته من وقود.

مليون دراجة

وغصّت شوارع العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى منذ أواخر العام 2014، بعشرات آلاف الدرجات النارية التي يفضل البسطاء اللجوء اليها لإنجاز مشاوريهم الخاصة، عوضا عن سيارات الأجرة، نظراً لظروفهم المعيشية الصعبة وارتفاع تكاليف المواصلات.

وتقدر مصادر أمنية يمنية أن هناك اليوم أكثر من مليون دراجة نارية تستخدم كوسائل مواصلات أجرة أو خاصة في كافة المدن اليمنية، مقارنة بنحو 250 ألف دراجة في العام 2012.

وفي معظم مناطق العاصمة صنعاء وشوارعها ومداخل أسواقها، هناك تجمعات لأصحاب الدراجات النارية، وهو ما لم يكن ملاحظاً قبل العام 2014.

وسيلة للرزق

ويتحدث تجار محليون عن رواج غير مسبوق في تجارة الدراجات النارية، مع تراجع فرص العمل في القطاعين العام والخاص، وعجز سلطات الأطراف المتحاربة في اليمن عن دفع رواتب الموظفين الحكوميين للعام الرابع على التوالي.

يقول محمد السنس، الذي يعمل بمحل تجاري لبيع الدراجات النارية في منطقة شعوب شرقي صنعاء، إن "الإقبال على الشراء ارتفع خلال السنوات الأخيرة بنسبة تتجاوز 90% مقارنة بقبل العام 2014".

ويضيف لموقع (ارفع صوتك)، أن "شباب عاطلين وموظفين حكوميين وغير حكوميين فقدوا مصادر رزقهم وحتى أفراد وضباط في الجيش والأمن يقتنون دراجات نارية لاستخدامها كوسيلة للرزق، بل إن نساء أرامل وغيرهن بعن ذهبهن واشترين دراجات نارية لتأجيرها مقابل عائد مالي ضئيل".

ودفع الإقبال على الدراجات النارية إلى ارتفاع غير مسبوق بأسعارها، حيث تتراوح أسعارها ما بين 400 ألف – 800 ألف ريال، (645 -  1290 دولار أمريكي).

"الحرب أكلت أيامنا"

يقول عبد العزيز خالد، وهو نازح من تعز إلى صنعاء بسبب الحرب، ولديه دراجة نارية يعمل عليها، "الحرب أكلت أيامنا. تشردنا مرتين، مرة حين نزحنا من مدينتنا، ومرة حين انقطعت رواتبنا".

كان عبد العزيز يعمل مدرساً في مدرسة حكومية بتعز (جنوبي غرب اليمن)، ووفقاً لحديثه، فقد اشترى دراجة نارية لتوفير ما تيسر من الدخل لأسرته، وبعض المتطلبات اليومية مثل الأدوية لوالديه الطاعنين في السن، اللذين يعانيان من "بعض الأمراض المزمنة".

من جانبه، قال عابر أمين، وهو شاب يمني في منتصف العقد الثالث من العمر، إنه يعمل أكثر من ثمان ساعات يومياً في قيادة دراجته النارية، حيث يكسب مبلغا يتراوح ما بين (2500 و4000 ريال)، أي ما يعادل (4-6.45 دولار أميركي).

ويضيف عابر، الذي كان واقفا بدراجته النارية في ركن أحد الشوارع منتظراً زبوناً ما، "ليس لدينا خيار أو حل ثاني، إما أن نعمل أو نلجأ للسرقة، أو ننضم للجماعات المسلحة المتحاربة في اليمن".

ويدرس عابر، وهو من أسرة ريفية فقيرة، في المستوى الثالث بجامعة خاصة في صنعاء، ولا يخفي القول إنه لولا هذا العمل لما استطاع مواصلة دراسته الجامعية.

مخاطر الدراجات

ومع تزايد استخدام الدراجات النارية كوسيلة لكسب العيش، إلا أنها تُعد أحد أبرز مصادر الحوادث المرورية.

فمصير غالبية ضحايا الحوادث التي يتعرض لها سائقو الدراجات النارية أو ركابها، الإعاقة أو الموت.
وفي ظل عدم التزام غالبية سائقي الدراجات النارية بقواعد السير والسلامة، فإن أكثر الحوادث المرورية مأساوية هي تلك الناجمة عن الدرجات النارية.

وفوق ذلك، تعاظم استخدامها أيضاً كوسيلة للنشل والسرقات كما اشتهرت كوسيلة لتنفيذ عمليات القتل والاغتيال.

وفي هذا الإطار، عملت شرطة المرور في العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سلطة الحوثيين على ترقيم جميع الدراجات النارية مقابل رسوم معينة، بحيث يسهل متابعة تحركات البعض والحد من انتشار الجريمة كالاغتيالات التي كانت تنفذ في السابق، أو جرائم السرقات التي كانت تنفّذ خاصة من "نشّالي" حقائب النساء، حيث اختفت مثل تلك الجرائم إلى حد ما.

وأدى ذلك بغالبية ملاك الدراجات النارية إلى ترقيم دراجاتهم، وتم إلزامهم بذلك، وكان القرار بدرجة رئيسية يركز على منع حوادث الاغتيالات.

كما اعتمد القرار معاملة الدراجات النارية كالمركبات من حيث الالتزام بقواعد السير، واحترام إشارات المرور، وخضوعهم للعقوبات في حال ارتكاب أي مخالفة.
 

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.