أطراف الصراع في اليمن أمام خيارين
قالت مجموعة الأزمات الدولية إن أطراف الصراع في اليمن أمام خيارين اثنين، أما القبول بوقف لإطلاق النار وتسوية سياسية غير مثالية، خصوصا في ضوء المخاوف من تفشي جائحة كورونا، أو الاستمرار في حرب ستتسبب بالمزيد من المعاناة الإنسانية دون أن يكون بوسع أي فريق تحقيق نصر عسكري واضح على مستوى البلاد.
وفي تقرير نشرته أمس الخميس، قالت المجموعة إن خمس سنوات من الحرب في اليمن أدت إلى مقتل أكثر من 112 ألف شخص، وتركت 24 مليون نسمة بحاجة لشكل من أشكال المساعدة الإنسانية.
كما أن جائحة كورونا يمكن أن تفتك بالسكان الذين يفتقرون إلى الوصول إلى الرعاية الصحية والذين أصبحوا أكثر هشاشة بسبب سوء التغذية.
لكن ما يزال من الممكن تجنب حدوث الأسوأ إذا أمكن وقف الحرب.
وأضاف التقرير أنه ينبغي على الحكومة اليمنية والحوثيين أن تعيدا النظر في توقعاتهما بشأن التسوية السياسية والقبول بإشراك فصائل سياسية ومسلحة أخرى في المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة.
وأنه ينبغي على مجلس الأمن الدولي وضع مسودة قرار يدعو إلى وقف إطلاق نار فوري وتسوية شاملة وطرح هذا القرار إذا تمسكت الأطراف بمواقفها.
وقالت المجموعة في تقريرها أنه يتمثل أحد أكبر عوائق التوصل إلى تسوية في مقاربة دولية لم تعد صالحة لإنهاء الحرب.
"تعتقد حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي أن أي اتفاق ينبغي أن يبنى على الأسس التي نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي صدر في نيسان/أبريل 2015 والذي تفسره على أنه شكل من أشكال الدعوة القانونية للحوثيين للاستسلام، وتسليم الأسلحة الثقيلة والسماح للحكومة بالعودة إلى حكم اليمن من صنعاء"، بحسب التقرير.
وأن المحادثات التي توسطت فيها الأمم المتحدة في الكويت في عام 2016 أنتجت مسودة اتفاق يستند إلى القرار للمفاوضات التالية.
كان من شأن الاتفاق أن يفضي إلى ترتيبات لتقاسم السلطة تعطي دور الأقلية للحوثيين في الحكومة وتمهد الطريق لإجراء انتخابات على مستوى البلاد.
وفي هذا السياق، اعتبرت المجمعة أنه تغير الكثير منذ عام 2016. فقد عزز الحوثيون سيطرتهم على الشمال الغربي، وباتوا يهددون آخر معاقل الحكومة في الشمال- في مأرب.
تحولات زادت التعقيد
كما أن تحولات أخرى على الأرض زادت في تعقيد المسائل، فاليمن منقسم اليوم إلى خمسة كانتونات للسيطرة السياسية والعسكرية، يوضحها التقرير:
المرتفعات الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون.
المناطق التي تديرها الحكومة في (مأرب، الجوف، شمال حضرموت، المهرة، شبوة، أبين ومدينة تعز).
المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال في عدن وما يحيط بها من مناطق داخلية.
المناطق الواقعة على ساحل البحر الأحمر حيث تشكل قوات المقاومة المشتركة القوة الرئيسية.
وساحل حضرموت، حيث السيطرة للسلطات المحلية.
وتدور رحى الحرب على عدة جبهات، لكل منها ديناميكياتها السياسية وسلاسل السيطرة والتحكم.
وقال التقرير إن عملية سياسية ناجحة تتطلب أمرين:
أولا، سيتوجب إقناع الأطراف أن من مصلحتها التخلي عن مطالبها القصوى.
ثانيا، يتطلب التشظي السياسي والمناطقي في اليمن إعادة النظر في إطار التفاوض وفي فحوى أي اتفاق يمكن التوصل إليه.
مشيرا إلى أنه سيتوجب على مكونات أي اتفاق أن تعالج الوقائع الجديدة وأن تقر بأخطاء الماضي.
وقال إن الأطراف المتصارعة بالغت بقدرتها على تحقيق أهداف قصوى، ليصدم كل طرف بانتكاسات رئيسية.
وأضافت المجموعة في تقريرها، أن "التوصل إلى اتفاق مقبول من الجميع اليوم لن يؤدي إلى تحقيق التسوية التي يفضلها أي طرف من الأطراف، لكن من شبه المؤكد أنها ستكون أفضل مما قد يكون متوفرا بعد سنوات أخرى من الصراع".
على أرض الواقع
يرى عبدالباري طاهر، وهو محلل سياسي يمني بارز أن هناك ثلاثة مستويات للحرب في اليمن، الأول حرب أهلية والثاني الصراع الإقليمي والثالث التدخل الدولي.
ويقول طاهر في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "في المستوى الأول واضح ان كل طرف يريد إلغاء الآخر وهي أطراف متعددة داخل أطراف متعددة فيها تعقيد شديد وخلافات شديدة،
وليس باستطاعة أي طرف إلغاء الآخر بمعنى هم يفتقرون القدرة الوصول الى حل لأن كل طرف يطرح مطالب مستحيل تحقيقها سواء بالحرب أو بالحل السياسي".
وفيما يتعلق بالمستوى الثاني المتمثل بالصراع الإقليمي يتهم طاهر إيران (حليفة الحوثيين) بأنها تستخدم اليمن كورقة تكتيكية، مشيرا إلى أن إيران تستخدم اليمن للضغط على السعودية بهدف فك الحصار عن نفسها، ولا تهدف إلى الوصول لحل في اليمن.
ويضيف "أيضا السعودية والإمارات متفقتان على تجزئة اليمن ومختلفتان على طريقة الاقتسام، ولديهم أيضا خلافات في تحالف كل طرف".
ويعتبر المحلل السياسي اليمني أن الطرف الدولي أيضا لديه مصلحة في استمرار الصراع في اليمن، لأن "فوائده ومصالحه تحديدا من بيع السلاح كبيرة جدا".
ويستبعد طاهر قدرة الطرف الداخلي على "حل الصراع"، موضحا "لا يمتلك قدرة على الحل لأن الحل أصبح بجانب الصراع أو الطرف الإقليمي أكثر مما هو بيد الطرف الداخلي، والصراع الإقليمي أيضا مرتهن بالطرف أو الصراع الدولي".
ويتابع "الحل العسكري مستحيل والحل السياسي مستعصي لأن كل طرف متمسك بمطالب يعجز عن تحقيقها".
وبشأن مدى إمكانية تطبيق ما ورد في تقرير مجموعة الأزمات الدولية، ومدى استعداد الأطراف المتنازعة للأخذ به، يقول المحلل السياسي طاهر، "لا يمكن حل الصراع في اليمن بدون حل الصراع في الإقليم فاليمن رهينة صراع الأطراف الأقوى والممولة. الأطراف الداخلية الآن هي الأضعف ومسخرة للصراع الاقليمي وربما لا ترى مصلحة لها في السلام".