العالم

"اليمن السعيد" ليس سعيدا

غمدان الدقيمي
03 يوليو 2020

"اليمن السعيد" هذا هو العنوان العريض الذي عرفت به اليمن منذ القدم.

وأطلق هذا الاسم على اليمن عندما كانت بلدا خضراء واشتهرت كوسيط للتجارة العالمية في البخور الذي كانت تحتاجه المعابد والكنائس في أوروبا، حسبما يقول "ياسين غالب"، وهو باحث يمني وخبير في التراث الفني والمعماري.

ويوضح لموقع (ارفع صوتك)، أن اليمن آنذاك ذاع صيتها ونسجت حولها أساطير أن اليمنيين يمتازون برخاء غير مسبوق.

أما بعض المؤرخين فأرجعوا قصة تسمية اليمن بالسعيد "لازدهاره في زمن الحضارات العربية القديمة ولوجود سد مأرب وخصوبة وجودة أراضيه، بالإضافة لوجودها على يمين الكعبة، وهو ما دفع البعض لتسميتها بذلك فقد كانت خير أرض العرب من الخضرة والأراضي".

ومنذ العام 2013 تعتمد الأمم المتحدة 20 آذار/مارس يوما دوليا للسعادة على اعتبار أنه سبيل للاعتراف بأهمية السعادة في حياة الناس في كل أنحاء العالم.

وأحيا العالم هذه المناسبة خلال العام 2020 تحت شعار "السعادة للجميع إلى الأبد".
لكن، هل يبدو اليمنيون فعلا سعداء؟ وهل يتذكرون يوما كانوا فيه سعداء؟ وماذا تعني السعادة لليمنيين اليوم مع ما يعانيه هذا البلد من فقر وعدم استقرار أمني وقلة ذات اليد وحروب أهلية وإرهاب؟.

"كل شيء انتهى الآن"

"عن أي سعادة تتحدث في ظل الحرب والجوع والمرض، ثم أول مرة أسمع بأن هناك يوم للسعادة. نحن لسنا سعداء باختصار"، بلهجة لا تخلو من الاستغراب رد فائد مرشد، وهو مواطن يمني على سؤال "ماذا يعني له يوم السعادة العالمي".

يقول مرشد وهو نازح بسبب الحرب من تعز إلى صنعاء "كثير من الأسر لا تجد قوت يومها، نحن أتعس شعب في العالم بالتالي الحديث عن السعادة اليوم مجرد هراء".

ويضيف الرجل الأربعيني، الذي كان واقفا في شارع رئيس شمالي صنعاء شارد الذهن، بنبرة غاضبة، "قبل الحرب كان لدي محل صغير في تعز (جنوبي غرب اليمن) أبيع فيه مواد غذائية أجني بواسطته ما يكفيني وأسرتي، جاءت الحرب وتدمر الحي الذي كنا فيه.. كل شيء انتهى الآن".

ويعيش ملايين اليمنيين ظروفا انسانية صعبة على وقع استمرار الحرب الأهلية الدامية التي دخلت نهاية مارس الماضي عامها السادس، مخلفة أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر للحل.

وأسفر النزاع في اليمن عن مقتل واصابة مئات الآلاف، منذ آذار/مارس 2015، فيما اضطر قرابة 4 ملايين شخص للنزوح من ديارهم بعيدا عن مناطق المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين أو اضطروا للهجرة خارج البلد.

وقذفت الحرب الدائرة في البلد العربي الفقير بمئات الأسر اليمنية إلى دائرة الفقر، حيث تذهب تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك أكثر من 24 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية، أي نحو 80% من سكان البلاد.

وهناك 51% فقط من المرافق الصحية ما زالت صالحة للاستخدام بشكل كامل.

مراكز متأخرة

وصنف تقرير مؤشر السعادة العالمي، الصادر عن شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة، لعام 2020، اليمن في المرتبة 146 من أصل 153 دولة، وعام 2019، احتلت اليمن المرتبة 151 من أصل 157 دولة.

ويعزو باحثون محليون، عدم الشعور بالسعادة في أوساط اليمنيين لغياب أدنى المعايير في المؤشرات التي حددتها الأمم المتحدة، ومن أبرزها: طبيعة النظام السياسي السائد في البلد المصنف، ومستوى المعيشة، ومستوى الفساد في المجتمع، وأوضاع التعليم، والنظام الصحي، والأجور، ونسبة الفقر، وقدرة الأفراد على تقرير مستقبلهم...

يقول متين الصبري، وهو صحافي يمني مهتم بقضايا الأسرة، "لدينا أسباب كثيرة تحول دون شعورنا بالسعادة أبرزها الحرب وتداعياتها المدمرة، وانتشار الفقر والمجاعة والخوف والتسول، وغياب مؤسسات الدولة وكافة الخدمات الأساسية"، مشيرا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، إلى أن اليمن تسمى "عبثا بالسعيدة وهي التي لم تعرف السعادة مطلقا".

ويوضح، "منذ عقود تخلفت اليمن عن ركب الحضارات، وهي التي ابتدأته، بسبب الحروب التي لا انفك عنها كلما خرجت من دوامة دخلت في أخرى لا فكاك منها".

ويضيف متين "السعادة هي السلام الداخلي، الذي لم نألفه منذ وعينا على الدنيا. السعادة أن تشعر بالاستقرار النفسي، وأن تلمسه في أهلك، في محيطك الخارجي، في وطنك الجريح، كل هذا مفقود".

عبث غير مسبوق

ويقول ياسين غالب، إن اليمنيين ومنذ ظهور الإسلام ربما عرفوا السعادة الحقيقية إبان فترة حكم الدولة الرسولية لبلادهم (626ه – 858ه) "حينها قننوا المكاييل والموازين وأنتجوا الكتب في شتى العلوم واسسوا دولة حقيقية وتميزوا بالكثير من الانجازات المهمة في ميدان العلم والتجارة والزراعة والطب...".

ويضيف غالب، "اليوم الواقع اليمني ليس فيه أي سعادة على الإطلاق لأنه تكالبت عليهم الأمم والظروف والجهل والتخلف والمصالح الإقليمية والدولية وصار الإنسان اليمني مجرد من كل قيمه بفعل من يتشدقون بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية".

ويشير الباحث اليمني إلى أن اليمن مرت خلال العقود الثلاثة الأخيرة بعبث غير مسبوق برغم الفرص الثمينة جدا أهمها الموارد البشرية التي لم تستغل، والتي كان يمكن أن تخرج البلد من قوقعته مثلما خرجت النمور الأسيوية.

وعلى مدى الثلاثة العقود الأخيرة وحتى اليوم، لم تشهد اليمن دولة مستقرة ونظام ديمقراطي.

ويحذر ياسين غالب من عواقب وخيمة على الدولة والمجتمع في حال استمرار غياب معايير السعادة خاصة في أوساط الشباب.

ويعتقد الباحث غالب أن ذلك سيدفع ببعض الشباب للانصياع إلى "العنصرية والطائفية والنزعة العدوانية الوحشية والإرهاب التي تسوقها جماعات العنف والتطرف".

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.