أزمة وقود خانقة في صنعاء تزيد من معاناة اليمنيين
أمضى عبده علي (36 عاما)، وهو أحد سكان العاصمة اليمنية صنعاء، الليل في الشارع وهو يبحث عن الوقود لسيارته في ظل أزمة وقود جديدة تشهدها العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين منذ منتصف يونيو الماضي.
ويحمّل علي التحالف بقيادة السعودية مسؤولية منع وصول الواردات إلى العاصمة صنعاء.
ويحارب التحالف الحوثيين المتحالفين مع إيران منذ مارس 2015، لإعادة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي بعد أن أطاح بها الحوثيون من العاصمة صنعاء.
وقال علي وهو جالس بمقعد السائق في سيارته "نحن منتظرين هنا عند المحطة منذ ليل الأمس إلى اليوم ولم نحصل على الوقود بعد"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "ما ذنبنا كمواطنين، نحن نناشد الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان أن تقوم بإدخال المشتقات النفطية للشعب اليمني لأنه يعاني من بداية العدوان".
تهديد بالمقاضاة وفساد
ويعزو المسؤولون الحوثيون الأزمة الحالية إلى احتجاز التحالف بقيادة السعودية نحو 15 سفينة تحمل مشتقات نفطية، "رغم استكمالها إجراءات آلية التحقق والتفتيش في جيبوتي، وحصولها على التصاريح الأممية لدخول ميناء الحديدة".
فيما تتهم الحكومة الشرعية الحوثيين بخرق اتفاق بين الجانبين، يتعلق برسوم الجمارك على واردات المشتقات النفطية التي تصل إلى موانئ الحديدة.
وقالت سلطة الحوثيين في صنعاء انها استكملت ترتيبات قانونية لرفع دعاوى قضائية محلية ودولية ضد اللجنة الاقتصادية الحكومية في عدن، والتحالف بقيادة السعودية، على خلفية منع وصول سفن المشتقات النفطية والغاز المنزلي إلى موانئ الحديدة، وفق ما نقل عن وزير النفط في حكومة الحوثيين، أحمد دارس.
في هذه الأثناء، أعلنت الشركة المعنية في صنعاء، انها تدرس "الجوانب المتصلة بالسماح لدخول المشتقات النفطية المتواجدة في المنافذ البرية على أن تكون مطابقة للمواصفات"، حد قولها.
ويتهم ناشطون يمنيون ومسؤولون حكوميون جماعة الحوثي بخلق أزمة نتيجة عدم السماح بدخول كميات البنزين المحتجزة في المنافذ، والتي ستعمل على استقرار كبير للسوق.
وتداول ناشطون مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي قيام محطات في صنعاء بتزويد سيارات قيادات في جماعة الحوثيين بالوقود ومنع أي أحد من الاقتراب منها، بينما مئات المركبات تقف في طوابير طويلة عند نفس المحطات بحثا عن الوقود دون جدوى.
كما يتم تعبئة خزانات كبيرة بالوقود عند بعض المحطات ونقلها إلى البيع في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.
انتعاش السوق السوداء
ومع تجدد أزمة الوقود ونفاده من كثير من محطات التعبئة في صنعاء، وتوفّره بكميات محددة ومؤقتة في بعضها، عادت السوق السوداء لتنشط من جديد، مع وصول سعر صفيحة البنزين (20 لتراً) إلى ما يقارب 20 ألف ريال (قرابة 32.2 دولار أمريكي)، مقارنة ب 5900 ريال (9.51 دولار أمريكي) كسعر رسمي.
وبسبب ذلك، تضاعفت أجرة النقل، وارتفعت أسعار كثير من السلع الغذائية والاستهلاكية والمياه والكهرباء وغيرها.
وتصطف العشرات من السيارات وباصات النقل الصغيرة والمتوسطة والدراجات النارية، في طوابير طويلة بغية الوصول إلى محطات تعبئة الوقود، حيث يتوفر بكميات ضئيلة كل خمسة أيام، أو في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.
يقول باسل حسن، الذي يمتلك باص أجرة لنقل الركاب بينما كان يقف في طابور طويل للبحث عن البنزين "هذا استهداف واضح للمواطنين من قبل جميع أطراف النزاع. يستهدفون مصدر رزقنا، هذه سياسة خبيثة".
ويضيف لموقع (ارفع صوتك)، "بدون بنزين تنقطع مصادر رزقنا. نضطر لشراء بنزين من السوق السوداء بأسعار مضاعفة عدة مرات لكيلا ينقطع رزقنا".
وعبر حسن عن غضبه لعودة هذه المعاناة في الحصول على الوقود في ظل انتشار فيروس كورونا وحاجة الناس إلى الحذر والوقاية منه بدلاً من التجمع أمام محطات تعبئة الوقود.
مرحلة حرجة
وتطبق شركة النفط التابعة للحوثيين نظام الترقيم على تموين السيارات في محطات البنزين، بسبب انخفاض المخزون المتوفر من الوقود، بحيث يكون تعبئة الوقود بحسب أرقام لوحات السيارات.
وفي بيان آخر قالت الشركة، إن مخزونها من الوقود "وصل إلى مرحلة حرجة جداً"، وأنه "لا يكفي لتموين القطاعات الحيوية"، كالصحة والكهرباء والمياه وقطاع النظافة، خلال "الأيام القادمة".
وأفاد البيان أن آخر شحنة وقود وصلت ميناء الحديدة، كانت في 23 مايو 2020.
ومن المتوقع في حال استمرار هذه الأزمة، أن تؤدي إلى توقف المصانع والأنشطة التجارية والصناعية، وتراجع إنتاجية الأفران والمخابز، التي يعتمد عليها (المخابز والأفران) غالبية سكان صنعاء في توفير احتياجاتهم من الخبز نظراً لأزمة أخرى متعلقة بصعوبة الحصول على الغاز المنزلي.
وبسبب هذه الأزمة حرم اليمنيون من الاستفادة من الانخفاض العالمي لأسعار النفط، الذي خلفته جائحة كورونا.
الحوثيون يفتعلون أزمة
من جانبها، اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا الحوثيين بافتعال الأزمة.
ونفى بيان رسمي اتخاذ الحكومة، إجراءات تعرقل السفن المحملة بشحنات الغذاء التي تخضع بشكل مباشر لإجراءات التفتيش من قبل الأمم المتحدة.
وفي حين أفاد بأن شحنات المشتقات النفطية تخضع لما سماه "الفحص المصرفي والفني والقانوني المتفق عليه مع مكتب المبعوث الأممي والأمم المتحدة"، اتهم سلطات الحوثيين بالتباطؤ في تفريغ الشحنات التي تصل إلى الجزء الذي تسيطر عليه في الميناء، ما يؤدي، حسب البيان، لتراكم سفن الوقود وتجاوز عددها "حدود السلامة… والأمن الملاحي".
في نفس الوقت تصر الحكومة على آليات لمعالجة الخروقات للاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة بين الحوثيين والحكومة بخصوص رسوم الجمارك والضرائب على واردات المشتقات النفطية التي تصل إلى موانئ الحديدة، والتي يفترض تحييدها في حساب خاص واستخدامها لدفع رواتب موظفي الحكومة في مناطق سيطرة الحوثيين.
وتتهم الحكومة الشرعية الحوثيين بخرق هذا الاتفاق ونهب 35 مليار ريال (56.5 مليون دولار أمريكي) من الحساب الخاص في فرع البنك المركزي بالحديدة غربي اليمن.
ونهاية الأسبوع الماضي وافقت الحكومة اليمنية على دخول أربع سفن تحمل مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، بناء على طلب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفث، كاستثناء مؤقت ولأسباب إنسانية بحته، شريطة أن تخصص رسومها البالغة مليار و680 مليون ريال يمني (2.710 مليون دولار أمريكي) لصرف المرتبات.