العالم

أزمة وقود خانقة في صنعاء تزيد من معاناة اليمنيين

غمدان الدقيمي
06 يوليو 2020

أمضى عبده علي (36 عاما)، وهو أحد سكان العاصمة اليمنية صنعاء، الليل في الشارع وهو يبحث عن الوقود لسيارته في ظل أزمة وقود جديدة تشهدها العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين منذ منتصف يونيو الماضي.

ويحمّل علي التحالف بقيادة السعودية مسؤولية منع وصول الواردات إلى العاصمة صنعاء.
ويحارب التحالف الحوثيين المتحالفين مع إيران منذ مارس 2015، لإعادة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي بعد أن أطاح بها الحوثيون من العاصمة صنعاء.

وقال علي وهو جالس بمقعد السائق في سيارته "نحن منتظرين هنا عند المحطة منذ ليل الأمس إلى اليوم ولم نحصل على الوقود بعد"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "ما ذنبنا كمواطنين، نحن نناشد الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان أن تقوم بإدخال المشتقات النفطية للشعب اليمني لأنه يعاني من بداية العدوان".

تهديد بالمقاضاة وفساد

ويعزو المسؤولون الحوثيون الأزمة الحالية إلى احتجاز التحالف بقيادة السعودية نحو 15 سفينة تحمل مشتقات نفطية، "رغم استكمالها إجراءات آلية التحقق والتفتيش في جيبوتي، وحصولها على التصاريح الأممية لدخول ميناء الحديدة".

فيما تتهم الحكومة الشرعية الحوثيين بخرق اتفاق بين الجانبين، يتعلق برسوم الجمارك على واردات المشتقات النفطية التي تصل إلى موانئ الحديدة.

وقالت سلطة الحوثيين في صنعاء انها استكملت ترتيبات قانونية لرفع دعاوى قضائية محلية ودولية ضد اللجنة الاقتصادية الحكومية في عدن، والتحالف بقيادة السعودية، على خلفية منع وصول سفن المشتقات النفطية والغاز المنزلي إلى موانئ الحديدة، وفق ما نقل عن وزير النفط في حكومة الحوثيين، أحمد دارس.

في هذه الأثناء، أعلنت الشركة المعنية في صنعاء، انها تدرس "الجوانب المتصلة بالسماح لدخول المشتقات النفطية المتواجدة في المنافذ البرية على أن تكون مطابقة للمواصفات"، حد قولها.

ويتهم ناشطون يمنيون ومسؤولون حكوميون جماعة الحوثي بخلق أزمة نتيجة عدم السماح بدخول كميات البنزين المحتجزة في المنافذ، والتي ستعمل على استقرار كبير للسوق.

وتداول ناشطون مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي قيام محطات في صنعاء بتزويد سيارات قيادات في جماعة الحوثيين بالوقود ومنع أي أحد من الاقتراب منها، بينما مئات المركبات تقف في طوابير طويلة عند نفس المحطات بحثا عن الوقود دون جدوى.

كما يتم تعبئة خزانات كبيرة بالوقود عند بعض المحطات ونقلها إلى البيع في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.

انتعاش السوق السوداء

ومع تجدد أزمة الوقود ونفاده من كثير من محطات التعبئة في صنعاء، وتوفّره بكميات محددة ومؤقتة في بعضها، عادت السوق السوداء لتنشط من جديد، مع وصول سعر صفيحة البنزين (20 لتراً) إلى ما يقارب 20 ألف ريال (قرابة 32.2 دولار أمريكي)، مقارنة ب 5900 ريال (9.51 دولار أمريكي) كسعر رسمي.

وبسبب ذلك، تضاعفت أجرة النقل، وارتفعت أسعار كثير من السلع الغذائية والاستهلاكية والمياه والكهرباء وغيرها.

وتصطف العشرات من السيارات وباصات النقل الصغيرة والمتوسطة والدراجات النارية، في طوابير طويلة بغية الوصول إلى محطات تعبئة الوقود، حيث يتوفر بكميات ضئيلة كل خمسة أيام، أو في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.

يقول باسل حسن، الذي يمتلك باص أجرة لنقل الركاب بينما كان يقف في طابور طويل للبحث عن البنزين "هذا استهداف واضح للمواطنين من قبل جميع أطراف النزاع. يستهدفون مصدر رزقنا، هذه سياسة خبيثة".

ويضيف لموقع (ارفع صوتك)، "بدون بنزين تنقطع مصادر رزقنا. نضطر لشراء بنزين من السوق السوداء بأسعار مضاعفة عدة مرات لكيلا ينقطع رزقنا".

وعبر حسن عن غضبه لعودة هذه المعاناة في الحصول على الوقود في ظل انتشار فيروس كورونا وحاجة الناس إلى الحذر والوقاية منه بدلاً من التجمع أمام محطات تعبئة الوقود.

مرحلة حرجة

وتطبق شركة النفط التابعة للحوثيين نظام الترقيم على تموين السيارات في محطات البنزين، بسبب انخفاض المخزون المتوفر من الوقود، بحيث يكون تعبئة الوقود بحسب أرقام لوحات السيارات.

وفي بيان آخر قالت الشركة، إن مخزونها من الوقود "وصل إلى مرحلة حرجة جداً"، وأنه "لا يكفي لتموين القطاعات الحيوية"، كالصحة والكهرباء والمياه وقطاع النظافة، خلال "الأيام القادمة".
وأفاد البيان أن آخر شحنة وقود وصلت ميناء الحديدة، كانت في 23 مايو 2020.

ومن المتوقع في حال استمرار هذه الأزمة، أن تؤدي إلى توقف المصانع والأنشطة التجارية والصناعية، وتراجع إنتاجية الأفران والمخابز، التي يعتمد عليها (المخابز والأفران) غالبية سكان صنعاء في توفير احتياجاتهم من الخبز نظراً لأزمة أخرى متعلقة بصعوبة الحصول على الغاز المنزلي.

وبسبب هذه الأزمة حرم اليمنيون من الاستفادة من الانخفاض العالمي لأسعار النفط، الذي خلفته جائحة كورونا.

الحوثيون يفتعلون أزمة

من جانبها، اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا الحوثيين بافتعال الأزمة.

ونفى بيان رسمي اتخاذ الحكومة، إجراءات تعرقل السفن المحملة بشحنات الغذاء التي تخضع بشكل مباشر لإجراءات التفتيش من قبل الأمم المتحدة.

وفي حين أفاد بأن شحنات المشتقات النفطية تخضع لما سماه "الفحص المصرفي والفني والقانوني المتفق عليه مع مكتب المبعوث الأممي والأمم المتحدة"، اتهم سلطات الحوثيين بالتباطؤ في تفريغ الشحنات التي تصل إلى الجزء الذي تسيطر عليه في الميناء، ما يؤدي، حسب البيان، لتراكم سفن الوقود وتجاوز عددها "حدود السلامة… والأمن الملاحي".

في نفس الوقت تصر الحكومة على آليات لمعالجة الخروقات للاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة بين الحوثيين والحكومة بخصوص رسوم الجمارك والضرائب على واردات المشتقات النفطية التي تصل إلى موانئ الحديدة، والتي يفترض تحييدها في حساب خاص واستخدامها لدفع رواتب موظفي الحكومة في مناطق سيطرة الحوثيين.

وتتهم الحكومة الشرعية الحوثيين بخرق هذا الاتفاق ونهب 35 مليار ريال (56.5 مليون دولار أمريكي) من الحساب الخاص في فرع البنك المركزي بالحديدة غربي اليمن.

ونهاية الأسبوع الماضي وافقت الحكومة اليمنية على دخول أربع سفن تحمل مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، بناء على طلب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفث، كاستثناء مؤقت ولأسباب إنسانية بحته، شريطة أن تخصص رسومها البالغة مليار و680 مليون ريال يمني (2.710 مليون دولار أمريكي) لصرف المرتبات.

غمدان الدقيمي

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.