العالم

في لبنان .. الطبيب أبيض ينجح بكسب الثقة المفقودة بمواجهة كورونا

04 أغسطس 2020

في مستشفى رفيق الحريري الجامعي الذي لطالما ارتبط اسمه لدى اللبنانيين بمنشأة طبية يقصدها الفقراء من غير المحظيين بتأمين صحي وبإضرابات موظفيها المطالبين برواتبهم، يدير فراس أبيض (52 عاماً) طاقما إداريا وطبيا يعمل كخلية نحل منذ تم استقبال أول المصابين بفيروس كورونا المستجد في شباط/ فبراير الماضي.

وحتى أشهر قليلة مضت، كان فراس أبيض طبيباً وأستاذاً جامعياً بعيداً عن الأضواء، إلى أن دفعته أزمة كورونا إلى الواجهة، فبات مدير المستشفى الحكومي الذي يقود جهود التصدي للوباء مرجعاً موثوقاً للبنانيين كثر فقدوا ثقتهم بالقطاع العام ومؤسساته.

يحضر أبيض في أيام عمله باكرا إلى المستشفى الواقع عند أطراف بيروت الجنوبية.

في مكتبه، يتابع المراجعات كافة، يوقّع أوراقاً ومستندات، ينتقل إلى قاعة أخرى ليجتمع عبر تقنية الفيديو مع المشرفين على قسم كورونا.

يسأل عن احتياجاتهم والعوائق، يتجول على المستودعات وينسّق مع المعنيين والمستشفيات الحكومية الأخرى.

منذ 2015، أصبح أبيض، وهو جراح في الجهاز الهضمي والبدانة، وخريج الجامعة الأميركية في بيروت ومن الأساتذة المحاضرين فيها، وحامل ديبلوم في الإدارة منها، رئيس مجلس إدارة ومديرا عاما للمستشفى.

ويحظى عمله بتقدير في أوساط المنظمات الإنسانية وشريحة واسعة من المواطنين.

ففي خضمّ أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان، وفي ظل عجز السلطة عن تقديم أي حلول، لا يقتصر عمله على الشقّ الإداري فحسب.

في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، كان عليه أن يحذّر من تأجيل جراحات وإقفال غرفتي عمليات وإطفاء التكييف في الأقسام الإدارية بسبب قرب نفاد مادة المازوت التي تستخدمها المولدات لتأمين التغذية بالكهرباء فيما كانت ساعات التقنين تجاوزت 15 ساعة.

فكانت تغريدة واحدة منه كفيلة بإغداق التبرعات لتوفير احتياجات المستشفى.

وبعد انتشار مقاطع فيديو منتصف الشهر الحالي تظهر اكتظاظاً أمام قسم إجراء فحوص الكشف عن الفيروس في المستشفى من دون احترام التباعد الاجتماعي، سارع إلى الاعتراف بالخلل وفي اليوم الثاني كان بربطة عنقه وقميصه الأبيض في طليعة منظمي صفوف الانتظار الطويلة.

العمل للمصلحة العامة

ورغم انشغالاته، يشارك أبيض على "تويتر" ما يتوفّر لديه من معطيات حول الوباء وتطور الإصابات.

ولا يتردّد، بدبلوماسية لافتة، في تصويب النقاش الرسمي حين يضلّ طريقه، أو تقديم النصح إزاء الوسائل المتاحة لتجنّب السيناريوهات الأسوأ مع ازدياد الإصابات.

وتلقى تغريداته، بالانكليزية إجمالاً، تفاعلاً ومشاركة.

وتسارع وسائل إعلام محلية إلى ترجمتها ونشرها بوصفه مرجعاً موثوقاً يفنّد الوقائع ويقدم النصح بلا تهويل أو مبالغة.

في بلد كلبنان، تثقل الطائفية ومنطق المحاصصة كاهله، يقدّم أبيض صورة يجدها كثيرون "مشرقة" عن مسؤول في قطاع عام قائم على المحسوبيات والزبائنية.

وتقول دونا معلاوي (29 عاماً)، الناشطة في التظاهرات التي عمت لبنان مؤخراً احتجاجا على فساد الطبقة السياسية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن أبيض يقدم "نموذجاً فريداً"، فهو "يتوجّه برسائل شبه يومية حول الواقع بلا تجميل، ولكن مع إلمام واضح بالتفاصيل والمستجدات".

ويصفه رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان كريستوفر مارتن برجل "استثنائي".

ويقول للفرنسية إن أبيض بات خلال الأشهر الماضية "شخصية مؤثرة. يكفي أن يقرأ الفرد سلسلة تغريداته لإدراك مقدار الذكاء والتفكير" الذي يتمتع به.

وانطلاقاً من تعاونهما المشترك منذ ثلاث سنوات، يعتبر أن أبيض "من بين اللبنانيين القلائل العاملين في القطاع العام الذين يعملون بصدق من أجل المصلحة العامة".

لكن ما يحصل عليه من إطراء يترك شعورا بـ"الانزعاج" لدى أبيض، لأنه يظهر "كم بات مستوى التوقعات من المسؤولين متدنياً"، على حد قوله.

ويتابع الطبيب بنبرة جدية "ما أقوم به هو ما يفترض أن نتوقعه من كل المسؤولين"، معتبراً أن "تركيز الضوء لا ينبغي أن ينصبّ على شخص إنما على فريق ومؤسسة في بلد نفتقد فيه إلى المؤسسات".

ويتصدّى لبنان للوباء في خضم انهيار اقتصادي دفع الكثيرين إلى إعطاء الأولوية لتأمين قوتهم اليومي بعدما فقدوا وظائفهم أو جزءاً من دخلهم.

ويعتبر أبيض أنّ "تحدياً كبيراً" يواجه السلطات وهو "كيف ستخط مساراً بين معالجة الأزمتين"، خصوصاً أن إيلاء إحداها اهتماماً على حساب الأخرى ستكون عواقبه مكلفة.

"انتصارات صغيرة"

ورغم إيمانه بأن تجنّب سيناريو كارثي في أزمة كورونا ممكن، يبدي أبيض، الأب لثلاثة أولاد، تخوّفه من "ضغط أكبر على القطاع الصحي" بحلول الخريف، وهو موسم تبدأ فيه عادة عوارض الانفلونزا.

وما يقلقه أكثر هو تقاعس المستشفيات الخاصة، الأكبر والأكثر تجهيزاً والتي تشكّل أكثر من ثمانين في المئة من قطاع الاستشفاء، عن المشاركة في تحمّل العبء بالشكل المطلوب.

ولا يتردد في دعوتها، رغم أن لديها مستحقات مالية لدى الدولة، إلى تحمّل مسؤولياتها، بعيداً عن "حسابات الربح والخسارة" انطلاقاً من حجم الأزمة.

قبل سنوات، لم يكن انتقال أبيض من مستشفى الجامعة الأميركية المرموق حيث عمل لسنوات، إلى مرفق حكومي يعاني من اضطراب مالي وأزمات عدة، خياراً سهلاً. لكنه قبل التحدي، ورأى فيه "واجباً" باعتباره "المستشفى الأساسي الذي يطبّب الطبقة الكادحة".

والآن، يجد نفسه أمام تحد جديد في مستشفى تحوّل خط الدفاع الأول في مواجهة الوباء.

ولا يمنعه ذلك من رؤية جوانب إيجابية رغم التعب، إذ يقول "التضحية والمساعدة والتشارك.. هذه اللحظات الجميلة أو الانتصارات الصغيرة.. تعوّض".

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.