العالم

أطفال لحظة انفجار بيروت: "لا أريد أن أموت"

12 أغسطس 2020

لحظة دوي انفجار المرفأ وانهيار واجهة منزلها، تروي هبة أن طفلها صرخ لدى رؤيته الدماء تسيل من قدميه "أمي، لا أريد أن أموت".

في بيروت المنكوبة، ابن هبة مثله مثل أطفال كثر في بيروت لا يزال تحت الصدمة.

وتسبّب الانفجار بمقتل أكثر من 160 شخصا وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين وتشريد نحو 300 ألف من منازلهم، نحو مئة ألف منهم أطفال، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) التي قالت إن الناجين "يعانون صدمة نفسية".

وأفادت المنظمة الثلاثاء أن ثلاثة أطفال على الأقل قتلوا جراء الانفجار، مشيرة نقلا عن شركائها إلى "وجود نحو ألف طفل من بين الجرحى".

في محلة رأس النبع غرب بيروت، كانت هبة (35 عاماً) تجلس مع والدتها وطفلها (6 سنوات) ورضيعتها (21 يوماً) في غرفة الجلوس في منزلها لحظة الانفجار.

وتروي لوكالة الصحافة الفرنسية "شعرت وكأن زجاج المنزل يدور حولنا"، تجمّد طفلها في مكانه لثوان ولم يقو على التحرك.

وحين رأى الدماء تسيل من قدميه جراء الزجاج، أصابته صدمة وبدأ يصرخ باللغة الفرنسية "ماما، لا أريد أن أموت"، قبل أن يلقي نفسه بين ذراعي والدته وهو يرتجف.

تمالكت هبة التي أصيبت بدورها، أعصابها، وحاولت تهدئة طفلها بعدما تيقّنت أن إصابتهما طفيفة.
وتضيف "أجابني، ما هذه الحياة؟ كورونا وانفجار؟".

عندما التفتت إلى ابنتها، رأت أنها تتنفس، لكن الطفلة "بدت كأنها غابت عن الوعي تماماً"، على حد قولها.
واستغرق الأمر عشرين دقيقة حتى "بدأت التفاعل معي أو حتى البكاء".

من شدة الصدمة، جفّ الحليب في صدر هبة قبل أن يعود بكميات قليلة جداً، ما أجبرها على استخدام الحليب الجاف لإطعام طفلتها.

منذ الانفجار، تُبعد هبة ابنها عن شاشات التلفزيون التي تبث منذ أسبوع بلا توقف صور الانفجار وأخباره.
لكنه منذ ذلك اليوم، ما زال "يقفز من مكانه كلما سمع صوتاً".

وتضيف "لا أعرف ما إذا كان يخبئ شيئاً داخله، لكنني أقضي الكثير من الوقت معه، لأسمعه يتكلم عندما يريد ذلك".

بين ضحايا الانفجار، طفل استرالي في الثانية من عمره وطفلة لبنانية في الثالثة قالت والدتها الثكلى بعد الانفجار لمحطة تلفزيونية، وقد غطت آثار الجروح وجهها، "أود أن أعتذر من ألكسندرا، لأنني لم أخرج بها من لبنان".

واجب الأهل

في مستشفى أوتيل ديو في شرق العاصمة، كانت امرأة بعد وقت قصير من وقوع الانفجار، تحمل طفلتين غطت الدماء وجهيهما، وبدتا مذعورتين على غرار العشرات في المكان، صامتتين وفي حالة صدمة.

وشددت منظمة "سايف ذي تشيلدرن" في بيان على ضرورة أن تكون صحة الأطفال النفسية "أولوية"، مشيرة الى أنه "من دون وجود الدعم المناسب، ستكون النتائج على الأطفال طويلة الأمد".

وقالت آن صوفي ديبدال من المنظمة "التأثير على الأطفال قد يكون عميقاً جداً، كون الطفل سيحاول أن يفهم ما حصل".

وقد يذهب الأمر ببعض الأطفال، خصوصاً الصغار من أصحاب الخيال الخصب، إلى حدّ إلقاء اللوم على أنفسهم، معتقدين أن ما كانوا يفعلونه قد تسبّب بالانفجار.

أما الأكبر سناً بقليل فقد يشعرون بالذنب "تجاه حزن وغضب" أهاليهم.

وأشارت المنظمة إلى أن الكثير من الأطفال في لبنان كانوا أساساً عرضة للتوتر نتيجة الأزمات المتلاحقة في البلاد التي دفعت "أكثر من نصف مليون طفل في بيروت إلى الكفاح من أجل الحياة أو إلى الجوع".

وأضيفت الى كل هذا تداعيات الحجر المنزلي مع تفشي فيروس كورونا المستجد.

وتقول المعالجة النفسية صوفيا معماري لوكالة الصحافة الفرنسية، "هناك أطفال سيعانون من قلق، الأصوات العالية قد تجعلهم يخشون من أن تتكرّر الحادثة، وقد يخشون الافتراق عن أهلهم لدرجة أنهم قد يرفضون دخول الحمام وحدهم".

ولقلق الأطفال، وفق معماري أوجه كثيرة، منها الكوابيس ليلاً أو عدم الكلام أو العزلة، "لأن أسئلة كثيرة تجول في بالهم".

وتؤكد "لا يجب إجبارهم على قول شيء. يجب أن نتحدث عن الموضوع، ونفتح لهم المجال للتكلم عنه حين يشاؤون".

ويجدر أن يسمع الطفل من والديه، وفق معماري، "أنهما خائفان أيضاً، ليشعر أن بإمكانه أن يخاف ولمساعدته في التعبير عن مشاعر الخوف والقلق والحزن".

كما أن على الأهل المسارعة إلى طلب مساعدة مختص إذا طالت عزلة الطفل أو عدم رغبته بالكلام أكثر من أسبوعين.

تجربة سريعة

بعد وقوع الانفجار، أجرت نورا (34 عاماً) بحثاً سريعاً عما يجب أن تفعله وأن تقوله لطفليها البالغين من العمر أربع وثلاث سنوات.

وتقول إنها عبرت لهما عن خوفها الشديد ووصفت لهما بدقة ما شعرت به، فتجاوب معها الطفل الأكبر قائلاً "كان انفجاراً كبيراً".

أما الأصغر فلم يقل شيئاً في حينه.

وفي اليوم التالي، استيقظ صباحاً وهمس لأمه قائلاً "لقد خفت كثيراً".

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.