العالم

تمخّضت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان .. فولدت فأرا

19 أغسطس 2020

بقلم شارلوت فان ووركيرك

المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية

بعد 15 عاماً من تحقيقات كلفت أكثر من 800 مليون يورو، جاء حكم المحكمة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري بإدانة متهم وتبرئة ثلاثة آخرين، مخيباً للآمال.

فبعد محاكمة غيابية استمرّت ست سنوات لأربعة متّهمين، شاب قرار المحكمة نقص الأدلة والتعاون، ما ولّد خيبة أمل، وفق خبراء قانونيين.

ويسود اعتقاد بأنه في نهاية المطاف لن يتم حبس أي مدان.

ويقول تيس بوكنيْت الخبير المتخصص في القانون الجنائي الدولي "إنها محكمة مثيرة للاستغراب طاردت نوعا ما أشباحا خلال ملاحقتها مشتبها بهم لم يتم توقيفهم، لا بل لم يتم العثور عليهم".

والثلاثاء برأت المحكمة ثلاثة من الأعضاء الأربعة في حزب الله المتّهمين بالمشاركة في اغتيال الحريري في العام 2005.

ولم يتم التوصّل إلى رابط مباشر مع قيادة حزب الله أو النظام السوري الذي انقلب عليه الملياردير السني وقرر الانضمام إلى معارضي الوصاية السورية على لبنان.

ودانت المحكمة سليم عياش (56 عاما) المتّهم الرئيسي في القضية "بصفته شريكاً في ارتكاب عمل إرهابي باستخدام مادة متفجّرة، وقتل رفيق الحريري عمداً، وقتل 21 شخصاً غيره، ومحاولة قتل 226 شخصاً"، هم الجرحى الذين أصيبوا في الانفجار المروع الذي وقع في 14 شباط/ فبراير 2005.

ونفى حزب الله حليف إيران والنظام السوري أي مسؤولية له عن الاغتيال وأعلن أنه لا يعترف بالمحكمة الدولية التي تتّخذ من لايدسشندام في هولندا مقرا لها.

أسماك صغيرة

وكان هناك متهم خامس في القضية هو مصطفى بدر الدين، القيادي العسكري في حزب الله الذي قتل في سوريا عام 2016.

قالت المحكمة إن "بدر الدين كانت لديه النية وشارك في مؤامرة" الاغتيال، لكنها لم تحاكمه لأنه مات.
إلا أنها ذكرت أنها لم تتوصل الى "أدلة مقنعة بأنه العقل المدبر" للعملية كما قال الادعاء.

ويقول بوكنيْت "بمقتل المتّهم الرئيسي لم يبق إلا الأسماك الصغيرة، وهذا ما تحوّل إلى مشكلة هذه المحاكمة" التي كلّفت ما مجموعه "970 مليون دولار منذ فتح التحقيق في العام 2005".

ويضيف إن "الحكم الذي طال انتظاره اتّخذ ملامح حكم شبح، إذ دان شخصا لم نره ولا نعرف هل ما زال على قيد الحياة".

اعتقد الادعاء أنه أعد ملفا متينا ضد المتّهمين مليئا بالمعطيات التي تثبت استخدام هواتف نقالة تحضيرا للاغتيال، لكن القضاة اعتبروا أن الأدلة غير كافية لإدانة حسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا، وقرروا تبرئتهم.

ويعتبر خبير القانون الجنائي الدولي في معهد "آسر" في لاهاي كريستوف باولوسن، أن "واقعة تبرئة أشخاص تكشف الكثير فيما يتعلّق بنزاهة المحكمة".

ويرى باولوسن أن هذا الأمر يعكس مدى صعوبة التعامل مع قضية "على قدر كبير من التعقيد خصوصا عندما تقابل بقلة تعاون".

ومنذ إنشائها تعرّضت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لانتقادات كثيرة وقد كلّفت الدولة اللبنانية ملايين الدولارات.

وكانت الدولة اللبنانية قد توصّلت في مفاوضات مع الأمم المتحدة لوضع نظام المحكمة إلى اتفاق على تسديد نصف الفاتورة.

ويستذكر باولوسن أن "الخيار وقع تحديدا على محكمة ذات طابع دولي ومرد ذلك جزئيا إلى الانحياز والفساد في النظام القضائي اللبناني".

ويضيف "لكن يجب أيضا ألا ننسى أن المحاكم الدولية، وعلى عكس المحاكم الوطنية ليس لديها قوات شرطة تابعة لها وهي تعتمد بالتالي على التعاون مع جهات أخرى".

ولا يعني صدور الحكم انتهاء عمل المحكمة الخاصة بلبنان التي بدأت في العام 2019 النظر في قضية منفصلة تشمل ثلاثة اعتداءات أخرى استهدفت سياسيين لبنانيين في عامي 2004 و2005 المتّهم الوحيد فيها هو سليم عياش.

وقد توارى سليم عياش تماماً عن الأنظار منذ عملية الاغتيال، فلا يعرف أحد مكانه سواء في لبنان أو أي بلد آخر، أو حتى إذا كان لا يزال على قيد الحياة.

لذلك فإن فرص تسليمه ذات يوم للعدالة الدولية تكاد تكون معدومة.

خصوصاً وأن أمين عام حزب الله حسن نصر الله حذر في السابق من أن الحزب لن يقدم أي متهم إلى المحاكمة.

من ثم، يتوقّع خبراء مسارا استئنافيا طويلا في قضية اغتيال الحريري.

وفي حال ظهر سليم عياش يمكن أن يعاد المسار برمّته إذا طلب إعادة المحاكمة.

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.