العالم

بعد 5 سنوات على هجوم "شارلي إيبدو".. خطر يتهدد دولاً أوروبية

31 أغسطس 2020

تطرح محاكمة منفذي الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" عام 2015، التي تنطلق الأسبوع المقبل في باريس، مسألة استمرار خطر الجماعات الإرهابية ماثلاً بأشكال عدّة في فرنسا وأوروبا، ولو أن القدرات العملانية لهذه المجموعات تبدو في الوقت الراهن وكأنها تراجعت.

فبعد خمس سنوات من الهجوم على الصحيفة الأسبوعية الساخرة، التي كانت باكورة سلسلة هجمات أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا في فرنسا، لا تزال أجهزة الشرطة والاستخبارات في حال تأهب لقطع الطريق أمام أية محاولات لإحياء هذه المجموعات، نظراً إلى ما يتمتع به تنظيما داعش والقاعدة من قدرات على إعادة تنظيم نفسيهما.

فلهاتين الشبكتين عدد كبير من "الفروع" المحلية الناشطة جداً.

لكنّ مسؤولين وخبراء يرون أن لا إمكانية كبيرة لتنفيذ عمليات في فرنسا مُعدة تخطيطاً وتمويلاً في الخارج، على غرار هجمات 13 نوفمبر 2015 الدامية في باريس.

وتتحدث أجهزة الاستخبارات الفرنسية عن "محدودية" قدرات هذه المجموعات على التحرك في أوروبا وعلى إقامة صلات مع مؤيديها.

وقال الخبير في شؤون الإرهاب في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية الدولية سيث جونز لوكالة فرانس برس إن الولايات المتحدة ودولاً أخرى نجحت قبل انتهاء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق في العراق وسوريا، "في القضاء على شبكة عملياته الخارجية، بقتل عدد كبير من مسؤوليه العملانيين أو اعتقالهم".  

أما القاعدة، فلم يعد موجوداً تقريباً كتنظيم مركزي عالمي، لكن المجموعات المحلية التي تنسب نفسها إليه ناشطة بقدر المجموعات المرتبطة بداعش، من اليمن إلى الساحل الإفريقي، مروراً بسوريا وليبيا. 

وأدت جائحة كوفيد-19 إلى إلهاء قوات الأمن وصرف انتباهها، لكنّها عقّدت في الوقت نفسه مهمة التنظيمات الجهادية التي بقيت ناشطة جداً محلياً ولكنها التزمت الحذر على نطاق أبعد. 

ولاحظ تقرير للأمم المتحدة في منتصف يوليو الفائت أن "الخطر الإرهابي على المدى القصير زاد في مناطق النزاعات وانحسر في مناطق السلام". 

 

شخصيات منعزلة 

ومع ذلك، لا يدّعي أيّ كان أن الخطر زال عن أوروبا. فعلى سبيل التذكير، أحبطت السلطات الألمانية في أبريل الفائت خططاً لاعتداءات تستهدف منشآت عسكرية أميركية وأوقفت خمسة طاجكستانيين يشتبه بأنهم تحركوا باسم تنظيم داعش.

وتراقب السلطات في كل دول العالم المنتمين إلى هذه المجموعات، وكذلك الخارجين من السجن بعد تنفيذهم أحكامهم، والأفراد الذين التحقوا حديثاً بالتوجهات المتطرفة. 

ويضاف إلى هؤلاء المقاتلون الذين بقوا في سوريا والمعتقلون في السجون الكردية والفارون.

وأشارت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في باريس إلى أن "الخطر الإرهابي تجسد هذه السنة بشخصيات منعزلة، لم ترصدها أجهزة الاستخبارات بسبب آليات حركتها ومحدودية اتصالاتها شبه المعدومة مع الشبكات الجهادية المعروفة". 

وبحسب إحصاء رسمي، شهدت فرنسا 17 اعتداء صغيراً منذ عام 2015، بينها ثلاثة عام 2020 لم تتبنها المجموعات نفسها، بل جاءت من أفراد تصرفوا بشكل منعزل، يعانون مشاكل نفسية. ومن الصعب عملياً استباق مثل هذه الاعتداءات. 

لكن النيابة العامة لاحظت أيضاً "تفكيك مجموعات منظمة أكثر، إضافة إلى شبكات مختصة بتزوير الوثائق وبالتمويل، وهما عنصران يعتبران دائماً التمهيد اللازم لتشكيل مجموعات عملانية". 

وفي مايو الماضي، أعلنت السلطات القبرصية ترحيل 17 مهاجراً يشتبه في كونهم شاركوا في أعمال إرهابية أو انتموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية أو "القاعدة". ويلخص هذا المثل "استخدام طرق الهجرة غير الشرعية للوصول إلى أوروبا"، على ما أفادت الأمم المتحدة.

 

أهداف فرنسية خارج فرنسا

ولا يستبعد مدير مركز تحليل الإرهاب جان شارل بريزار عملاً مخططاً له من "الدولة الإسلامية"، مشيراً إلى "إحباط خطط اعتداءات أخيراً في أوروبا". 

لكنه رأى أن "الحلقة المقبلة ستكون حلقة الخارجين". ولاحظ المركز ومقره باريس أن 60% من السجناء المحكوم عليهم في فرنسا لأعمال في البوسنة والعراق وأفغانستان عاودوا المشاركة في عمليات عنفية بعد انتهاء فترة حبسهم.

وتضم لوائح المشتبه باعتناقهم التوجهات المتطرفة في فرنسا تسعة آلاف اسم، لكن الأجهزة المختصة تضع أولويات.  

وتبقى فرضية تنفيذ هجمات ضد فرنسا في الخارج. وبحسب مصدر أمني مطلع على الملف، تشكل منطقة غرب إفريقيا إحدى مناطق الخطر الرئيسية منذ مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال خلال عملية عسكرية فرنسية في شمال مالي في يونيو الفائت.

وقد تشكل السفارات والشركات والمواطنون الفرنسيون أهدافا لعمليات انتقامية.

وأكد سيث جونز نهاية الشهر الماضي "أرى أن تنفيذ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هجوما انتقاميا ضد القوات الفرنسية أو أهداف فرنسية أخرى في إفريقيا، في غرب القارة أو شمالها، مرجح أكثر من حصول ذلك في فرنسا نفسها. من الأسهل للتنظيم العمل في إفريقيا".

وبعدها، قُتل ستة فرنسيين عاملين في الحقل الإنساني في أغسطس مع سائقهم ومرشدهم النيجريين في جنوب شرق نيامي، في هجوم نفذه مسلحون على دراجة نارية ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.