العالم

"يوم مهم للبنان".. انتهاء الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل

14 أكتوبر 2020

عقدت الأربعاء الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المسبوقة بين لبنان وإسرائيل، بوساطة أميركية، في مقر حدودي لقوة الأمم المتحدة في جنوب البلاد، على أن تلتئم الجولة المقبلة بعد أسبوعين، وفق ما أفاد مصدر عسكري وكالة فرانس برس.

وأعلن لبنان واسرائيل بداية الشهر الحالي التوصّل إلى تفاهم حول بدء مفاوضات برعاية الأمم المتحدة في ممنطقة الناقورة، في خطوة وصفتها واشنطن، التي لعبت دور الوسيط في التوصل للاتفاق وتضطلع بدور ميسّر المحادثات، بأنها "تاريخية" بين دولتين في حالة حرب.

وتأتي المفاوضات بعد أسابيع من إعلان الإمارات والبحرين اتفاقي تطبيع مع إسرائيل برعاية أميركية، ما دفع مراقبون إلى التوقّف عند "توقيت" إعلان بدء المحادثات بالنسبة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل موعد الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، عن انتهاء الجولة الأولى من التفاوض بعد قرابة ساعة من انطلاقها.

ولم يصدر أي بيان ختامي عن المجتمعين بعد.

وقال مصدر عسكري لبناني لوكالة فرانس برس إن "موعد الجلسة الثانية حُدد في ٢٨ أكتوبر، أي بعد ١٤ يوماً".

وعقدت جولة التفاوض الأولى وسط إجراءات أمنية مشددة فرضها الجيش اللبناني وقوات يونيفيل في الناقورة، تزامنت مع تحليق مروحيات تابعة للقوة الدولية في الأجواء، وفق ما أفاد مصور وكالة فرانس برس.

وقطع الجيش الطريق المؤدية الى النقطة الحدودية، حيث عُقد الاجتماع، مانعاً اقتراب الصحافيين منها.

وإلى جانب الوفدين، شارك وفد من الأمم المتحدة في الاجتماع بحضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، ميسّر الجلسة الافتتاحية، والسفير الأميركي جون ديروشيه الذي سيضطلع بدور الوسيط في الجلسات المقبلة.

ووصفت إسرائيل المفاوضات، التي تتعلق بمساحة تمتد لنحو 860 كلم مربع، بـ"المباشرة" وهو ما يصر لبنان على نفيه، مؤكداً الطابع "التقني" للمحادثات.

ويضم الوفد اللبناني أربعة أعضاء، عسكريان ومدنيان، هم: العميد بسام ياسين والعقيد الركن مازن بصبوص والخبير التقني نجيب مسيحي وعضو هيئة قطاع البترول وسام شباط.

في المقابل، يضم الوفد الإسرائيلي ستة أعضاء بينهم المدير العام لوزارة الطاقة أودي أديري، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، رؤوفين عازر، ورئيس دائرة الشؤون الإستراتيجية في الجيش.

وأثارت تسمية إسرائيل لسياسيين ضمن وفدها جدلاً في لبنان، الذي يصر على طابع التفاوض التقني، على غرار محادثات سابقة جرت في اطار لجنة تفاهم نيسان إثر عملية "عناقيد الغضب" الإسرائيلية في 1996، أو مفاوضات ترسيم الخط الأزرق بعد انسحاب الإسرائيلي في 2000، وأخيراً الاجتماع الثلاثي الذي يعقد دورياً منذ حرب 2006 برئاسة قوات يونيفيل وبمشاركة عسكريين من الدولتين.

 

إنجاز أميركي؟

واستبق حزب الله وحركة أمل انطلاق التفاوض بالمطالبة بـ"إعادة تشكيل الوفد اللبناني بما ينسجم مع اتفاق الإطار"، معترضين على ضمّه "شخصيات مدنية".

وأكدا في بيان بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء "رفضهما الانجرار إلى ما يريده العدو الاسرائيلي من خلال تشكيلته لوفده المفاوض"، معتبرين أنّ في ذلك "تسليما بالمنطق الاسرائيلي الذي يريد أي شكل من أشكال التطبيع".

وجاء موقف الحزبين الشيعيين غداة تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون، الثلاثاء، أنّ "المفاوضات تقنية والبحث يجب أن ينحصر في هذه المسألة تحديداً".

وفي إسرائيل، قال مصدر في وزارة الطاقة لصحافيين إن الأمر "مهم لإسرائيل لكنه أيضاً حاسم بالنسبة للجانب اللبناني"، مشيراً إلى أن الأمر قد يحتاج بضعة أشهر فقط إذا لم يكن هناك عوائق. 

وأوضح "هدفنا أن نحل النزاع حول ترسيم الخط البحري"، مضيفاً "لا أوهام لدينا، ليس هدفنا أن نخلق نوعاً من التطبيع أو عملية سلام".

وقادت واشنطن على مدى سنوات وساطة بين الجانبين، تكثفت مع توقيع لبنان عام 2018 أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في رقعتين في مياهه الإقليمية، إحداها تقع في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان أنّه "ليس أمام لبنان خيار أفضل ليتمكن من العمل في البلوك رقم 9".

 

"لحظة ضعف" 

وأثار إعلان بري "اتفاق الإطار" حول المفاوضات، انتقادات في لبنان خصوصاً لحزب الله، الذي يعد الخصم اللدود لإسرائيل وطالما اعتبر واشنطن وسيطاً "غير نزيه".

واعتبرت صحيفة الأخبار، المقربة من حزب الله، الاثنين، في ملف خصّصته للمفاوضات أنّ "قرار التفاوض غير المباشر مع العدو يمثل لحظة ضعف سياسية لبنانية غير مسبوقة". ورأت أن إسرائيل تبدو "المستفيدة" إذ أن حاجتها "إلى إطلاق آلية تفاوض مباشر أو غير مباشر مع بلد مثل لبنان، يمثل انتصاراً للعدو بمعزل عن نتائجه". 

وكان حزب الله، الذي ترى فيه واشنطن ذراعاً لإيران وتصنفه "إرهابياً"، حرص  في وقت سابق عبر كتلته النيابية على التأكيد ألا علاقة للمفاوضات بـ"المصالحة" أو "بسياسات التطبيع".

ولطالما أصر لبنانسابقاً على ربط ترسيم الحدود البحرية بتلك البرية، لكن المفاوضات ستتركز فقط على الحدود البحرية، على أن يُناقش ترسيم الحدود البرية، وفق الأمم المتحدة، في إطار الاجتماع الثلاثي الدوري.

ويعتبر خشان أن موضوع ترسيم الحدود البحرية سهل أمام تلك البرية. 

ويوضح "إذا جرى الاتفاق على الحدود البرية سيثير ذلك تساؤلاً حول الحاجة إلى سلاح حزب الله، كونه لا يزال يؤكد على ضرورته لاستعادة الجزء المحتل من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا".

ويضيف "حزب الله لن يقبل التخلي عن السلاح".

 

مواقع التواصل

في الصفحات اللبنانية على مواقع التواصل، تصدّر وسم #ترسيم_الحدود التغريدات، وتنوعت الآراء بين الساخرة والغاضبة حيال هذه المفاوضات، باعتبارها تمثّل بداية للتطبيع بين البلدين.

 

 

 

ومن جهة أخرى، أعرب آخرون عن تأييدهم لهذه المفاوضات، باعتبارها الطريقة الوحيدة لـ"تأمين الحقوق" على حد تعبير الكاتب اللبناني عبدالله قمح. 

 

وعقّب زعيم حزب الكتائب اللبنانية، سامي الجميّل هذه المفاوضات بتغريدة في تويتر، كتب فيها  "يوم مهم للبنان مع بدء المفاوضات على #ترسيم_الحدود البحرية مع إسرائيل. هذا المسار يجب أن يبقى خارج المزايدات والألاعيب الخفية ليتمكن لبنان من تحصين سيادته برعاية أممية. ونطالب السلطة بالدفع بالتوازي إلى مسار مماثل مع سوريا فينشر الجيش على كامل الحدود ويتوقف العبث بالأمن والإقتصاد".

 

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.