العالم

صحيفة بريطانية: تخوّف من هجرة 400 ألف لبناني "الأرض المحروقة"

رحمة حجة
15 أكتوبر 2020

ترجمات "ارفع صوتك"

بحلول يوم السبت، تمر الذكرى السنوية الأولى على انتفاضة مئات آلاف المواطنين اللبنانيين ضد "حكم اللصوص المستمر من قادة الحرب وزعماء الطائفية الذين دفعوا البلاد إلى حافة الانهيار" وفق تعبير محرر الشؤون الدولية في "فايننشال تايمز".

ويقول ديفيد غاردنر في المقال الذي نُشر، الأربعاء، على موقع الصحيفة البريطانية، إن لبنان الآن "على حافة الهاوية" مضيفاً "انهار الاقتصاد، قبل وقت طويل من ظهور كوفيد-19 لتكون الضربة القاضية. الحكومة مفلسة وتعثرت في سداد ديونها".

وفي مقاله بعنوان "النخبة السياسية تقلب الموازين أخيراً للكثير من اللبنانيين"، استعرض غاردنر أبرز الأحداث المؤثرة في الشارع اللبناني، طيلة عام كامل، بعد انطلاق الاحتجاجات.

فأسباب انسحاب المتظاهرين من الشوراع، تمثلت بالقمع المنظم وحلول جائحة كورونا، ما أعاد الكرة لملعب حزب الله، المدعوم من إيران.

يصفه غاردنر بـ "فوق الدولة" مضيفاً "بتحالفه مع حركة أمل، الميليشيا السابقة التي تحولت إلى حركة جماهيرية شيعية، ومع أكبر حزب مسيحي يتولى قيادته الشخصية، الجنرال السابق ميشال عون، الرئاسة، يتمتع الحزب بقبضة قوية على قوات الأمن والجيش، ويسيطر على الأغلبية في البرلمان، كما أن له حق النقض الفعال على التعيينات الوزارية".

ومنه إلى الأزمة المالية، التي أنتجت فقدان الكثير من المودعين مدخراتهم ضمن نظام مصرفي أشبه بالزومي (الميت الحي) على حد تعبير غاردنر، الذي رأى تأثير الأزمة ظلّ بعيداً عن السياسيين المتورطين أساساً في هذا الانهيار.

يقول "أصبح هؤلاء السياسيون أثرياء للغاية بأسعار الفائدة التي وصلت إلى رقمين في خانة العشرات التي دفعها لهم البنك المركزي على مدى السنوات الخمس الماضية".

كما يرى أن النخبة السياسية الحاكمة هي السبب أيضاً في عدم إتمام "صفقة الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي" إذا طالب الصندوق بالإصلاحات وإجراء تدقيق جنائي من شأنه الكشف عن المخالفات المنهجية" مشيراً إلى أن أكثر من نصف سكان لبنان تحت خط الفقر، حسب بيان أصدرته الأمم المتحدة أغسطس الماضي.

وبالانتقال إلى انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس الماضي، يقول الكاتب "أدى الانفجار الكيميائي الضخم إلى تدمير أحياء وسط العاصمة، وأسفر عن مقتل أكثر من 190 شخصًا وإصابة أكثر من 6000 شخص وتشريد 300 ألف آحرين. لتختبئ النخب السياسية بعد تجدد الغضب نحوها، وتفلت بشكل صريح من العقاب".

الطبقة السياسية المتسببة بوصول لبنان إلى الهاوية، لم تنج فقط من العقاب، بل تجاهلت أيضًا مطالب المواطنين، وفق ما كتب غاردنر.

وبالطبع سيتلو ذلك الموقف الفرنسي متمثلاً بالرئيس إيمانويل ماكرون، الذي زار لبنان مرتين تلو الانفجار المروّع، وقدّم خطة للتغيير على النخبة الحاكمة، واعدا اللبنانيين بتحسين الأوضاع.

ولكن ما تلا ذلك لم يكن مبشراً، حيث لا يزال لبنان بلا حكومة بعد تقديم الحكومة استقالها إثر انفجار المرفأ.

ويرى غاردنر أن "العقبة الرئيسة" أمام تشكيل الحكومة، كان "إصرار حزب الله وحركة أمل بقيادة نبيه بري، رئيس مجلس النواب وزعيم الميليشيا الشيعية السابق، على تسمية مرشحهما وزيراً للمالية".

ويشير  إلى ما حصل في سبتمبر الماضي، من إدراج وزارة الخزانة الأميركية وزيرين سابقين في "القائمة السوداء" على خلفية اتهامات بأنهما عملا على تمكين حزب الله، وتحذير واشنطن من أنها ستتخذ مزيدا من الإجراءات التي تستهدف الحزب، الذي تعتبره منذ سنوات طويلة "جماعة إرهابية".

تلت ذلك تعقيدات أخرى في تشكيل الحكومة، الشيء الذي "هزّ  سماسرة النفوذ في لبنان وصعق بيروت لفترة وجيزة" حسب تعبير غاردنر.

ويصل الكاتب إلى آخر الأحداث في المشهد السياسي اللبناني، وهو ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، يقول إن "ترسيم احتياطيات الغاز البحرية المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط، يمثل تراجعاً كبيراً لحزب الله وأمل، ويعكس وجود الأقلية السياسية الفاسدة التي تسعى لإنقاذ نفسها".

ويرى غاردنر أن مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، ما هي إلا ورقة انتخابية أخرى بيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تُضاف إلى رعاية واشنطن اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين ونقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس والموافقة على ضم إسرائيل مرتفعات الجولان، وصفقة القرن. 

"طوال حملته الانتخابية، كان السيد ترامب يحظى بتأييد الإنجيليين البروتستانت البيض، وهو بنك تصويت ترامب الذي كان منشغلاً بقائمة الرغبات بشأن إسرائيل. في توقف حملته في ولاية ويسكونسن، حتى أنه قال، مشيرًا إلى القدس والجولان: هذا للإنجيليين" يقول غاردنر.

ويلفت الكاتب البريطاني في نهاية مقاله إلى تخوّف من هجرة كثيفة للبنانيين بسبب كل ما يجري، إذ تبدو البلاد اليوم كالأرض المحروقة، التي لم تعد صالحة للعيش.

يقول غاردنر "بعد أن نجا لبنان من عقود من الحرب والاحتلال والتفجيرات والاغتيالات، يبدو أنه سينزف أخيرًا شريان حياته في هجرة جماعية للأطباء والمحامين والمدرسين والأكاديميين والمهندسين والمصممين، خاصة الشباب".

ويشير إلى قول وزير سابق دون ذكر اسمه بأنه "يخشى  أن يغادر 400 ألف لبناني (حوالي عُُشر السكان) باستثناء العمال المغتربين واللاجئين السوريين والفلسطينيين. الأرض المحروقة".

أما الباقون فسيبقون تحت رحمة  "السماسرة" الذين لن يقدموا لهم سوى "الفتات من مائدة البارون (إشارة إلى وصف إقطاعي أرستقراطي)".

"وسيحرق البارونات المستقبل كما أحرقوا الماضي"، بهذه العبارة القاتمة يختم غاردنر مقاله. 

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.