العالم

سوريّون ولبنانيون يرون الموت في قوارب الهجرة إلى اليونان

محمد ناموس
28 أكتوبر 2020

لم يترك مصطفى الشيخ، وهو لاجئ سوري في لبنان، أي باب ولم يطرقه ليصل إلى أوربا ويغير نمط حياته وحياة أطفاله، إلا أن الظروف لم تسنح له منذ ثلاثة سنوات من الانتظار أن يحقق هدفه.

مصطفى واحد من بين آلاف السوريين، الذين ينتظرون وصولهم لتركيا ويهاجروا عبرها إلى أوروبا، باعتبارها المنفذ الوحيد، سابقاً، لكن الوضع تغيّر الآن، حيث فتح مهرّبو البشر طريقاً جديدة بين لبنان واليونان، يقطعونها بقوارب صغيرة يفترض أن سعتها ستة أشخاص فقط، لكنها تحمل العشرات!

 

"ملاذي الأخير"

وظهر هذا المنفذ، بعد دخول لبنان أزمة اقتصادية حادة، أثّرت على عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين المقيمين هناك، غير أنهم في هذه الرحلة الخطرة، ليسوا وحدهم، إذ بدأ لبنانيون أيضاً ينضمّون لقوارب الهجرة.

يقول مصطفى لـ"ارفع صوتك": "هذا طريق ملاذي الأخير. أريد الحصول على اللجوء بشكل قانوني في أي دولة أوربية، ثم ألم شمل عائلتي".

ويشير إلى أنه حزم حقائبه، بانتظار رسالة المهرّب التي تخبره بالموعد. ويعرف مصطفى أن مصير الرحلة "مجهول" لكنه لا يرى في الأفق سبيلاً آخر، يقول "الوضع سيء جداً على اللبنانيين فما بالك بنا نحن اللاجئين؟".

من جهتها، تقول منظمة إنقاذ الطفولة في أحدث تقاريرها، إن "ارتفاع أعداد المعابر البحرية القاتلة من لبنان إلى قبرص مع ارتفاع وتيرة الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان، دفع مئات الآلاف من الأطفال إلى الفقر".

وتوضح أن "مئات الأشخاص قاموا برحلات يائسة بالقوارب عبر البحر المتوسط للوصول إلى قبرص خلال الأشهر الأخيرة، فيما شهد شهر أيلول (سبتمبر) الماضي زيادة كبيرة في المعابر مع 230 شخصاً كانوا يسافرون على متن خمسة قوارب، تم دفعهم إلى لبنان بعد محاولة الرحلة إلى قبرص عن طريق البحر".

وكانت رحلاتهم من بين 21 محاولة عبور بحرية تمت من لبنان بين يوليو وسبتمبر، مقارنة بـ 17 محاولة عبور بحرية تمت من لبنان في خلال عام 2019 بأكمله.

وأودت الرحلات المحفوفة بالمخاطر بحياة العديد من الأشخاص بالفعل هذا العام، بما في ذلك الأطفال.

 

موت ومياه مالحة

روى العديد من الأطفال الذين كانوا على متن بعض تلك الرحلات مع آبائهم، كيف تقطعت بهم السبل على البحر الأبيض المتوسط لأكثر من أسبوع، دون طعام أو ماء، ولجأت الأمهات إلى محاولة تصفية المياه المالحة بملابسهن لإرواء عطش أطفالهن.

يقول أحد المراهقين عن محاولتهم البائسة هو وعائلته لمغادرة لبنان: "بدأنا نحسب الأيام حتى موتنا أثناء شرب مياه البحر".

ومرت الأسرة السورية المكونة من تسعة أفراد بمحاولة مروعة لعبور البحر الأبيض المتوسط من لبنان إلى قبرص الشهر الماضي، ووصفوا لحظات عجز على متن السفينة بينما كان الأطفال يشاهدون والدتهم تموت، حسب تقرير منظمة إنقاذ الطفولة.

من جهة أخرى، اضطر بعض الآباء إلى ربط جثث أطفالهم على طرف القارب، لتجنب فقدانها في البحر، وكان القارب يحمل على متنه 49 شخصاً إلى الشواطئ القبرصية.

بدورها، تقول المديرة القطرية للمنظمة في لبنان، جينيفر مورهيد: "هذه هي القصص الحقيقية التي لا يمكن تصورها عن الأطفال الذين رأوا طفلاً أو والديهم يموتون على متن القارب الذي كان من المفترض أن يحملهم إلى مستقبل أفضل.

ودعت المنظمة الحكومة اللبنانية إلى إعطاء الأولوية للأطفال الضعفاء وأسرهم من خلال حزم الدعم المالي، كما دعت السلطات القبرصية إلى وضع مصلحة الأطفال الوافدين في المقام الأول، وأن تتيح لهم إمكانية اللجوء والحماية وفقاً للقانون الدولي.

في نفس السياق، أشارت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسيف في تقرير لها، إلى "قلقها العميق إزاء الارتفاع الكبير في عدد الحركات المنظمة ذاتياً التي تقوم بها القوارب إلى قبرص في الأسابيع الأخيرة، وذهولها من الوفيات والمواقف الخطيرة التي يتم وضع العديد من الرجال والنساء والأطفال الضعفاء فيها وهم يبحثون فيها بيأس".

وقالت:  "في 14 أيلول (سبتمبر) قامت فرقة العمل البحرية بإنقاذ قارب قبالة سواحل لبنان كان على متنه 37 فردا، من بينهم 12 طفلا، توفي العديد من الركاب خلال الرحلة التي استغرقت 7 أيام في البحر تحت أشعة الشمس، بمن فيهم أطفال وامرأة واحدة، وعندما وصل القارب إلى بيروت، كان عدد من الركاب الآخرين في حالة حرجة واضطروا لنقلهم إلى المستشفى".

من جهته، قال ممثل اليونيسف في لبنان يوكي موكو "تشعر اليونيسف بقلق بالغ إزاء المخاطر التي يواجهها الأطفال عند الهجرة في مثل هذه الظروف، ونحن لا نزال ملتزمين بدعم البلد لضمان رفاه الأطفال في جميع الأوقات ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة، بما في ذلك الفقر وانعدام الفرص الاقتصادية. وإلى أن تعالج هذه الأسباب الجذرية بطريقة مجدية على المدى الطويل، ستواصل الأسر والأطفال مغادرة ديارهم بحثا عن مستقبل أكثر أملا، حتى عبر طرق الهجرة غير النظامية".

وتقدر منظمة الهجرة الدولية أن ما يقارب 463 مهاجرًا وطالب لجوء غرقوا في البحر المتوسط في أثناء محاولة الوصول لأوروبا، وذلك منذ مطلع 2018 وحتى منتصف مارس 2020.

ووصفت المنظمة البحر المتوسط بأنه "أكبر مقبرة في العالم"، مضيفة أن ما يزيد على ثلاثة آلاف مهاجر وطالب لجوء غرقوا فيه عام 2017، في حين بلغ عددهم 4150 عام 2016.

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.