العالم

الحركات الجهادية في إسبانيا خطر حقيقي وإن كان خفيا

09 ديسمبر 2020

إن كانت آخر الاعتداءات في أوروبا ضربت فرنسا والنمسا، فإن إسبانيا تبقى على غرار باقي القارة هدفا للتطرف الإسلامي، وطالما حذرت السلطات والخبراء على السواء من أن الخطر "حاد".

وطرحت المسألة مجددا مع بدء محاكمة المتهمين في الاعتداءات الجهادية التي وقعت في آب/ أغسطس 2017 في كاتالونيا وأسفرت عن مقتل 16 شخصا في برشلونة ومدينة كامبريلس المجاورة.

وانطلقت المحاكمة الشهر الماضي ومن المتوقع أن تستمر حتى 16 كانون الأول/ ديسمبر.
كما شهدت الأسابيع الأخيرة عدة اعتقالات، آخرها اعتقال إمام مغربي تتهمه الشرطة بأنه قدم في 2018 "دعما لوجستيا" لمقاتل من تنظيم داعش في سوريا لتمكينه من الانتقال للإقامة في إسبانيا.

وتسود إسبانيا منذ 2015 حالة إنذار من خطر إرهابي من الدرجة الرابعة على سلم من خمس درجات، ما يعني خطرا مرتفعا بوقوع اعتداء.

وقال وزير الدولة الإسباني لشؤون الأمن رافايل بيريز رويز مؤخرا خلال ندوة نظمها مركز الدراسات "ريال إينستيتوتو إلكانو" إن الحركات الجهادية تشكل "الخطر الإرهابي الرئيسي على بلادنا والأسرة الدولية بمجملها".

وأوصى في مواجهة هذا الخطر بالتحرك على جبهتين، الأولى في إسبانيا والثانية في منطقة الساحل وتحديدا في مالي التي باتت "بؤرة الخطر الإرهابي، والتي تقوم مدريد فيها بمهمة تدريب عسكريين كما تقدم دعما دبلوماسيا وتشارك في التنمية الاقتصادية.

دعاية متواصلة

وإن كان الجميع يشعر بأن الخطر تراجع ولا سيما مع القضاء على دولة "الخلافة" التي أقامها داعش في مناطق سيطر عليها في العراق وسوريا، إلا أن مانويل توريس أستاذ العلوم السياسية في جامعة بابلو دي أولافيدي في إشبيلية حذر بأن "الخطر بمستوى حاد".

وأوضح الخبير أن الوضع يتطلب "تحركاً مكثفاً في مكافحة الإرهاب" في إسبانيا حيث تم اعتقال ثلاثين شخصا عام 2020 لجرائم تتعلق بالإرهاب، وفق أرقام وزارة الداخلية.

ومن بين الموقوفين شخصان كانا يحولان أموالا للتنظيم في سوريا، وشابة إسبانية اعتنقت فجأة التطرف وأرسلت حوالي خمسة آلاف يورو للتنظيم، وكانت تخطط، حين تم اعتقالها، للذهاب إلى سوريا والزواج من مقاتل التقته على شبكات التواصل.

وأوضح توريس أن "الدوافع (للانتقال إلى تنفيذ عمل عنيف) هي ذاتها كما قبل خمس أو عشر سنوات" وهي "الاستهلاك المتواصل للدعاية" والعلاقات الشخصية في الأوساط الجهادية.
وتقع هذه العلاقات الشخصية في جوهر محاكمة المتهمين في إطار اعتداءات كاتالونيا، إذ كانت الخلية المؤلفة من شبان مغاربة مقيمين في إسبانيا تضم أربعة أزواج أخوة اعتنقوا التطرف على أيدي إمام مسجد.

ولم تسمح المحاكمة حتى الآن بالرد على كل هذه الأسئلة، إذ يلزم المتهمون الثلاثة المتهمين بمساعدة منفذي الاعتداءات الذين قضوا جميعا، الصمت بصورة عامة.

وبين تصريحاتهم النادرة والنهج الذي اختاره القاضي إذ قرر الابتعاد عن الأسئلة حول آلية الانتقال إلى التطرف، فإن "هذه المحاكمة تثير الكثير من الإحباط" برأي الصحافية آنا تيكسيدور التي أجرت تحقيقا واسعا حول الاعتداءات بعنوان "مساحات الصمت في 17-آ" نسبة إلى تاريخ الاعتداءات في 17 آب/ أغسطس.

إعادة تأهيل المتطرفين

تم اعتقال حوالي 870 شخصا في إسبانيا بحسب الأرقام الرسمية، منذ اعتداءات 11 آذار/ مارس 2004 التي نفذها تنظيم القاعدة في مدريد وكانت الأعنف في أوروبا إذ أوقعت 191 قتيلا.

وأوضح رومان إيتشانيز من المرصد الدولي للدراسات حول الإرهاب أن "العدد المرتفع من الأشخاص المتطرفين ومثيري الاضطرابات والمجنِّدين والأشخاص الذين أطلق سراحهم (بعد قضاء عقوبتهم) يجعل من المستحيل تتبّعهم بشكل مفيد" ويتطلب تقييما أفضل للمخاطر.

وتطبق إسبانيا منذ 2004 برنامجا لتتبّع الجهاديين الذين دخلوا السجن والبالغ عددهم حاليا 119، بمن فيهم الموقوفون رهن التحقيق.

ويتثبت البرنامج من عدم قيام مجرمي الحق العام بتلقين الأفكار المتطرفة لسواهم وعدم خضوع موقوفين لأنشطة تجنيد.

وفي هذا السياق، تم تفكيك شبكة تجنيد تضم 25 معتقلا في 2018.

كما تطبق إسبانيا منذ 2016 برامج طوعية لاجتثاث التطرف في السجون.

لكن فاعليتها تبقى محدودة لأنه "من الصعب للغاية أن يقرّوا بالجريمة" التي عوقبوا عليها إذ أنهم نفذوها بدافع عقيدتهم، على ما أوضح مصدر في إدارة السجون لوكالة الصحافة الفرنسية.

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.