العالم

بعد عام على بدء انتشاره .. تحديد أصل كورونا يزداد تعقيدا

10 يناير 2021

من الهلع الذي عمّ الصين في البداية مرورا بنقص الشفافية لدى بكين وصولا إلى اتهامات دونالد ترامب، بعد عام على تسجيل أول وفاة بكوفيد-19 في العالم، يسهم تسييس الجائحة في إبعاد احتمال معرفة الحقيقة يوما بشأن نشأة الفيروس.

في 11 كانون الثاني/ يناير 2020، أعلنت بكين بعد يومين على الوقائع، تسجيل أول وفاة معروفة بفيروس كورونا المستجد وهي لرجل في سن 61 عاما كان يتردد باستمرار على أحد أسواق مدينة ووهان التي تعد 11 مليون نسمة في وسط الصين.

وبعد وفاة هذا الرجل الذي لا يزال اسمه مجهولا حتى اليوم، سجل ما يقرب من 1,9 مليون وفاة أخرى حول العالم في غضون عام واحد.

وإن بات واضحا أن الوباء ظهر للمرة الأولى نهاية 2019 في سوق هوانان الواسع في ووهان حيث كانت تُباع حيوانات برية حيّة، فلا يمكن الجزم بالضرورة بأن هذا المكان يشكّل مهد الفيروس الفتّاك.

ويعود ذلك إلى أن الفيروس يحتاج وقتا طويلا ليتحول بدرجة تتيح له التفشي بسرعة، وفق عالم الأوبئة في جامعة جورجتاون في واشنطن دانيال لوسي.

وبالتالي فإن الانتقال السريع للعدوى إثر الإبلاغ عن أولى الإصابات في كانون الأول/ ديسمبر 2019 يعني أن انتشاره بدأ قبل ذلك بفترة طويلة.

ويشير لوسي إلى أنه "من المستبعد تماما" أن يكون الفيروس نشأ في سوق ووهان، مضيفا "هو ظهر طبيعيا قبل أشهر عدة، ربما قبل سنة أو حتى أكثر".

روايات متضاربة

لكن مشكلة أساسية تكمن في محاولة السلطات الصينية الترويج لفرضية غير مدعّمة بالوثائق عن دخول الوباء إلى الصين من الخارج، مدفوعة بحرصها على التنصل من أي مسؤولية في نشوء الفيروس.

وتقول بكين إن آثارا للفيروس اكتُشفت في مياه الصرف الصحي في إيطاليا والبرازيل قبل ظهور المرض في ووهان.

غير أن هذه التحاليل لا تثبت شيئا لناحية تحديد أصل الفيروس، وفق خبراء.

ومنذ كانون الثاني/ يناير 2020، يحدد الباحثون الصينيون أنفسهم سوق هوانان على أنه مصدر الجائحة، رغم وجود دراسات سابقة كشفت نتائجها ألا صلة بين بعض من أوائل المصابين بالفيروس وهذا الموقع.

وأعلنت السلطات الحجر الصحي في ووهان في 23 كانون الثاني/ يناير، ثم في كامل مقاطعة هوباي التي تتبع لها المدينة، ما ألزم أكثر من خمسين مليون نسمة منازلهم.

وفي آذار/ مارس، بدأت السلطات تبدّل روايتها الرسمية إذ أوضح رئيس هيئات مكافحة الأوبئة في الصين غاو فو أن السوق في ووهان ليس مصدر الفيروس بل "ضحية" له وموقع انكشاف الحالات فيما المنشأ في مكان آخر.

غير أن بكين لم تدل منذ ذلك بأي تفسير مقنع عن أصل الفيروس مع الاكتفاء بقلة من المعلومات بشأن العيّنات المسحوبة من ووهان.

أمّا الخبراء الأجانب فتمنّعوا عن اتخاذ مواقف حاسمة في الموضوع.

وأعيقت في اللحظات الأخيرة مهمة فريق من منظمة الصحة العالمية كان يُفترض وصوله الأسبوع الماضي إلى الصين، بعدما قالت بكين إنها لا تزال "تتفاوض" مع المنظمة بشأن سير المهمة.

محو الأثر

يرتدي تحديد أصل الفيروس أهمية كبرى في الوقاية من إعادة ظهور جائحة جديدة، إذ يتيح ذلك توجيه الجهود الوقائية نحو أجناس حيوانية محددة ومنع صيدها أو تربيتها وتفادي التفاعلات مع البشر.

ويقول بيتر داشاك رئيس منظمة "إكوهيلث ألاينس" الأميركية المتخصصة في الوقاية من الأمراض "إذا ما توصلنا لفهم سبب ظهور (الأوبئة)، سنتمكن من محاربة الوسائط الناقلة لها".

ولقي دور الصين العلمي البحت إشادة دولية في البداية، بعدما سارعت إلى الإعلان عن مجين الفيروس خلافا للضبابية التي تعاملت بها مع وباء "سارس" (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد) في 2002 و2003.

وتقّر عالمة الأحياء ديانا بل من جامعة إيست أنغليا البريطانية بأن الصين "أظهرت انفتاحا نسبيا".
لكن في خضم فوضى ووهان في مطلع 2020، قد تكون آثار فيروسية طُمست أو نُقلت ما يزيد المعضلة تعقيدا.

ويوضح بيتر داشاك "لا شيء مفاجئا في ذلك. كل جائحة تحصل بالطريقة عينها، وسط الفوضى والهلع".

فيروس صيني

على المقلب السياسي، يحاذر نظام الرئيس شي جينبينغ الخوض بالتفصيل في مجريات الأسابيع الأولى من الجائحة، بعد انتقادات طاولته حينها بسبب محاولات كمّ أفواه الأطباء الذين سعوا للتحذير من خطورة الفيروس منذ كانون الأول/ ديسمبر 2019.

ومن هؤلاء، اتهمت الشرطة الطبيب لي وينليانغ بـ"الترويج لشائعات"، لكنه توفي جراء كوفيد-19 في السابع من شباط/ فبراير 2020 داخل مستشفى في ووهان.

وأثارت وفاته غضبا عارما ضد النظام الصيني عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

لكن مع سيطرتها على الجائحة في الربيع الفائت، باتت بكين تطرح نفسها منقذا للإنسانية من خلال عرض لقاحاتها للبلدان الفقيرة بوصفها منتجات "للخير العام العالمي".

ومن غير الوارد لدى بكين في هذا الإطار التسامح مع الأصوات المنتقدة.

وفي نهاية كانون الأول/ ديسمبر، حكم القضاء الصيني بالسجن أربع سنوات في حق "مواطنة صحافية" غطت مجريات الإغلاق العام في ووهان.

وأسهم موقف الإدارة الأميركية في ثني السلطات الصينية عن تشارك معارفها حول الفيروس، بحسب بيتر داشاك الذي يأمل كسرا للجليد بين الجانبين مع مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض في الأيام المقبلة.

وأجج موقف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته التنافر بين البلدين من خلال حديثه عن "فيروس صيني" وتلميحه إلى إمكان أن يكون نتج عن تسرب من مختبر لعلم الفيروسات في ووهان، وهي فرضية استبعدها العلماء.

ويشير الخبراء إلى أن العدوى انتقلت من الخفاش لكنهم لا يزالون يجهلون أيا من الحيوانات الأخرى أدى دور الوسيط لنقل العدوى إلى الإنسان.

ويبدي بيتر داشاك "قناعة بأننا سنحدد في نهاية المطاف نوع الخفافيش التي نقلت الفيروس ومسار العدوى المرجح"، مضيفا "لن يكون لدينا يوما يقين تام لكننا سنحوز بالتأكيد أدلة صلبة".

غير أن تحديد الجنس الحيواني المسؤول عن نقل العدوى أمر ثانوي برأي ديانا، وهي تقول إن "المصدر قلما يهمّ، يجب ببساطة وضع حد لهذا المزيج المشؤوم من الأجناس في الأسواق.يجب وقف الاتجار بالحيوانات البرية المعدة للاستهلاك الغذائي".

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.