العالم

ما قصة "المواد الصفراء والخضراء" الخطيرة في مرفأ بيروت؟

11 فبراير 2021

نجا مرفأ بيروت الذي شهد انفجارا مروّعا قبل أشهر، بمحض الصدفة، من جحيم تفاعل مواد كيميائية شديدة الخطورة كانت مخزّنة فيه، وأخرجتها منه شركة ألمانية متخصصة، وفق ما أفاد أحد خبراء الشركة وكالة الصحافة الفرنسية.

وتسبّب تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، من دون أي اجراءات وقاية، بانفجار ضخم في 4 آب/ أغسطس، أسفر عن مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح.

كما ألحق أضراراً جسيمة بالمرفأ وعدد من أحياء العاصمة.

وبعد العثور على عشرات الحاويات التي تضمّ مواد كيميائية شديدة الخطورة في المرفأ عقب الانفجار، وقّع لبنان في تشرين الثاني/ نوفمبر عقداً مع شركة "كومبي ليفت" الألمانية بقيمة 3,6 مليون دولار للتخلّص منها، في غياب إمكانات أو خبرات محلية تقوم بذلك.

وأعلنت سفارة ألمانيا لدى لبنان قبل أيام انتهاء الشركة من معالجة 52 حاوية من المواد الكيميائية الشديدة الخطورة التي شكلت "تهديداً للناس في بيروت".

وقال مدير المشروع لدى الشركة مايكل وينتلر للفرنسية الأربعاء "وجدنا مواد إذا اختلطت مع بعضها قد تؤدي إلى انفجار".

وأضاف "المرفأ محظوظ لأنه كانت هناك مسافة بين الحاويات" التي كانت تحتوي على هذه المواد.

وأنهى طاقم الشركة هذا الشهر معالجة آلاف الليترات المخزنة في حاويات مهترئة موجودة منذ أكثر من عقد من الزمن في المرفأ في عملية معقدة وخطرة.

وأوضح وينتلر "لم أشاهد وضعاً مماثلاً في حياتي"، مشيرا إلى أن تفاعل بعض المواد أحدث تقوباً في الحاويات نتيجة تآكلها.
وتحدث عن "بحر أو نهر من المواد الصفراء والخضراء" تسرّبت من بعض الحاويات وكانت تتفاعل على شكل "فقاعات".

وكانت الحاويات موزعة على سبعة مواقع مختلفة، معظمها في مساحة مفتوحة لحاويات الشحن في الطرف المقابل لموقع الانفجار الذي وقع قبل ستة أشهر.

وقال رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للمرفأ بالتكليف باسم القيسي للفرنسية في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر "لو اشتعلت المواد الموزعة في المرفأ لدمرت بيروت".

شحنات مجهولة

وفيما لا تزال السلطات اللبنانية تحقّق في ظروف وصول نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، والجهات المسؤولة عن تخزينها ومن ثمّ انفجارها، يبدو أن سبب تخزين المواد الكيميائية التي عالجتها الشركة الألمانية مجهول أيضاً.

وقال وينتلر "يبدو أن ما من أحد من السلطات يعلم شيئاً عن هذه الشحنات" باستثناء تاريخ وصولها، مضيفاً "لا أعتقد أن سلطات المرفأ تدرك ماذا كان يوجد في الموقع".

وألحق الانفجار الضخم ضرراً شديداً بحاويات كانت بدأت بالتآكل وفيها ثقوب جراء تفاعل الأسيد بعد سنوات من الإهمال.

وقال وينتلر "لم يكن من الممكن رفع أو نقل العديد من الحاويات لأن حالتها كانت سيئة للغاية"، ما اضطر الخبراء إلى نقل المواد الكيميائية يدوياً، وهو ما عرّضهم لمخاطر.

وروى أنّ ارتداءه ملابس الوقاية من المواد الكيميائية أنقذه عند تسرّب حمض الهيدروكلوريك من أسفل برميل كان يرفعه وتناثره على الأرض.

ويشكّل حمض الهيدروكلوريك، وهو مادة سامة ومسبّبة للتآكل، ستين في المئة من المواد الكيميائية التي تعاملت معها شركة كومبي ليفت.

واضطرت الشركة، وفق وينتلر، للتعامل مع آلاف الليترات من الأسيتون الشديد الاشتعال، وحاويات من بيروكسيد الهيدروجين، وهو مركب كيميائي سائل.

وكان يمكن للمادتين في حال اختلاطهما أن تحدثا انفجاراً.

إلا أن وجود الحاويات في مواقع منفصلة عن طريق الصدفة حال دون وقع كارثة، وفق وينتلر.

وشملت المواد الكيميائية "الأكثر خطورة" التي تمّت معالجتها، حمض الهيدروفلوريك الذي يمكن أن يكون مميتاً إذا دخل مجرى الدم أو لامس الجلد.

وعملت كومبي ليفت على تخزين المواد في حاويات خاصة تمهيداً لشحنها إلى ألمانيا في إجراء مرتقب نهاية الشهر الحالي، بعد أن تسدّد الحكومة اللبنانية المبلغ المترتب عليها بحسب العقد، والبالغ مليوني دولار، وسط أزمة خانقة تعيشها البلاد.

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.