Fatima holds her 4-year-old daughter Nazia, who is suffering from acute malnutrition, at their house near Herat, western…
وضع مأساوي يعيشه الأفغان يتفاقم منذ سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس الماضي

حين طوق مقاتلو طالبان مدينة هرات في أغسطس الماضي، كان غول محمد، محاصرا من قبل دائنون أقرضوه ليستطيع شراء الغذاء والدواء، وطالبوه بالسداد قبل سقوط المدينة. 

وبعدما أعيته الحيل وعجز عن الدفع، اتفق محمد وزوجته على حل، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال". 

لم يخبر الزوجان، ابنهما، خليل أحمد، البالغ من العمر 15 عاما، عن سبب نقله من منزلهم الطيني في الأكواخ إلى مستشفى قريب. 

وهناك، وضع الأطباء الطفل تحت التخدير. ثم أزالوا كليته.. باعها والده محمد بـ4500 دولار، وهو مبلغ يكفي لتغطية ما عليه من ديون.

في ظل وضع بائس، بات الأفغان يلجؤون إلى تدابير يائسة بشكل متزايد للنجاة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تضاعفت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق والزيت منذ إطاحة طالبان بالحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، وشلل جزء كبير من الاقتصاد بينما جمد المجتمع الدولي الأصول الأجنبية لأفغانستان، وفرض عقوبات وأوقف معظم المساعدات.

ووفقا للأمم المتحدة، فإن 95 في المئة من السكان لا يحصلون على ما يكفي من الطعام، ويواجه أكثر من نصف سكان البلاد، البالغ عددهم 39 مليون نسمة، حاليا أزمة جوع شديدة.

ورغم أن عمليات إزالة الكلى نشاط غير قانوني في أفغانستان، توجد مستشفيات في المدينة تجري تلك العمليات وتجذب الأفغان من جميع أنحاء البلاد، حيث تجرى من 15 إلى 20 عملية في الشهر، في حين يغض المسؤولون الطرف عن نشاط شراء وبيع الأعضاء. 

وخلال الأشهر الستة الأخيرة بعد سيطرة طالبان، "زاد عدد طلبات زرع الكلى بشكل كبير"، بحسب مدير أحد المستشفيات التي تقدم هذه الجراحة في هيرات لصحيفة "وول ستريت جورنال"، مشيرا إلى أن 12 شخصا موجودون حاليا في المستشفى، قدموا من مقاطعات أخرى، من أجل الخضوع لتلك العملية.  

وقال "الجميع يتلقى المال مقابل الأعضاء، يتقاضى المستشفى نفسه حوالي 4600 دولار للجراحة و1500 دولار للأدوية". 

وبات العثور على بائع للكلى أمرا سهلا في أفغانستان، بل يتم لصق إعلانات عن تجارة الأعضاء على الجدران وأعمدة الإنارة في هرات ومدن أخرى، ويوزع وسطاء بطاقات تعرض على المشترين الاتصال بالبائعين.

لكن محمد، وجد مشتريا لكلية ابنه خليل، عبر أحد أقاربه. 

وعمل محمد لسنوات عاملا للبناء، ولكن مع توقفه عن العمل، راح يشترى الطعام من أصحاب المتاجر بالدين، واقترض نقودا من الجيران لإطعام زوجته وأطفاله الـ12.

وبينما كانت طالبان تستعد للهجوم على هرات، كان دائنوه يطرقون بابه يوميا. وذات يوم وضعوه في سيارتهم، وهددوه بأنهم سيأخذون ابنه نهائيا إذا لم يدفع. 

فكر محمد وزوجته في الحل المؤلم: يمكن بيع عضو بدلا من أن يبيعوا طفلا. فكرا في بيع كليتهما هما أولا، لكنهما كانا غير لائقين صحيا. فالرجل يعاني من حصوات في الكلى وزوجته مصابة بداء السكري.

وكان ابنهما الأكبر يكسب ما يصل إلى ثلاثة دولارات في اليوم من خلال جمع البلاستيك لإعادة التدوير، لذلك لم يريدا أن يفقدا حصيلة عمله، فوقع الاختيار على ابنهما الثاني خليل.

يقول محمد: "بكيت كثيرا في الليلة التي اتخذنا فيها القرار. لا يوجد أب في العالم يريد بيع كلية ابنه".

عرض المشتري ما يقرب من 4500 دولار مقابل كلية خليل. 

لم يكن لدى محمد الجرأة ليأخذ ابنه بيديه إلى المستشفى لنزع كليته، فأرسل عم الطفل بدلا منه.

لكن خليل بات، عقب العملية الجراحية، يتألم كثيرا، ولم يعد يستطع اللعب مع أصدقائه كما كان قبلها.

يقول الطفل، وهو يجلس على أرضية منزل والديه الطينية، بينما أشقاؤه يلعبون بصخب في الخارج: "بعد العملية أصبحت ضعيفا، لا أستطيع المشي أو الركض مثلما كنت أفعل سابقا". 

واعترف المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، بأن هناك من يبيعون أعضائهم بدافع اليأس: "يعاني شعبنا قدرا هائلا من المشكلات"، لكنه اتهم "المهربين الدوليين" بالوقوف وراء تجارة الكلى في هرات، وقال إن حكومته تبذل قصارى جهدها لمنعها. 

لكنه أضاف أن "الحكومة وحدها لا تستطيع أن تتعامل مع كل هذه المشكلات، على المجتمع الدولي أن يساعدنا".

 

أحوال متغيرة

 

وتداعت الحالة الاقتصادية في ظل حكم طالبان، وسرعان ما تحول كثيرون ممن كانوا يوصفون بأنهم أصحاب أموال، أو أنهم من الطبقى المتوسطة، إلى طريق الفقر. 

وتقول شارلوت سلينتي، الأمينة العامة للمجلس الدنماركي للاجئين، وهي وكالة إغاثية في العاصمة الأفغانية، كابول، إن "الطبقة الوسطى تختفي يوما بعد يوم، أصبح الكثيرون يسقطون في براثن الفقر ويحتاجون إلى المساعدة كما لم يحتاجوها من قبل". 

ولمدة عقد من الزمان، امتلك عبد السلام شركة متوسطة الحجم، حيث كان يستورد الوقود والمواد الغذائية من إيران، ولديه تعاقدات مع الحكومة.

ولكن، عندما أطيح بالحكومة في أغسطس، ترك عبد السلام مدفوعات ضخمة غير مسددة وعملا منهارا، وكان مدينا بما يقرب من ستة ملايين دولار لمورديه. وقال إنه بعد بيع جميع سياراته وممتلكاته، بقي عليه ديون تقدر بـ70 ألف دولار داخل أفغانستان، وكان مدينا بـ 300 ألف دولار للتجار الإيرانيين.

وبعد أن كان ينفق عبد السلام ما يعادل 575 دولارا، في ليلة واحدة بات يقول: "ليس لدي هذا المبلغ حاليا في بيتي". 

وقال إنه لم يتمكن من العثور على عمل تحت حكم طالبان، التي اختطفته ذات مرة على الطريق السريع حيث تم تعذيبه كعقاب على تعاقده مع الحكومة السابقة المدعومة من الغرب، بالرغم من إعلان الحركة سابقا أنها أصدرت  عفوا عن من تعامل مع الحكومة السابقة. 

في الآونة الأخيرة، اتصل عبد السلام باثنين من مشتري الكلى المحتملين، بهدف جني أموال كافية لمغادرة أفغانستان مع زوجته.

وحتى بالنسبة لأفقر العائلات الأفغانية، يمكن أن تصبح أقل صدمة اقتصادية كارثة ووبالا عليهم. 

نازانين، أم لخمسة أطفال، في أواخر العشرينيات من عمرها، كانت تكسب أقل من دولار واحد في اليوم من غسيل الملابس للعائلات المحيطة، وزوجها محمد، المدمن على الأفيون، غير قادر على العمل، في حين يكسب ابنهما البالغ من العمر 12 عاما، المصاب بضعف في النطق، حوالي 50 سنتا في اليوم من جمع القمامة. 

كان الزوجان مدينان بألف دولار لأصحاب المتاجر المحليين، خاصة بعد أن أصيبت الأسرة بأكملها، بما في ذلك والد محمد المسن، بفيروس كورونا، مما زاد من النفقات، ثم توفي والده، فكان عليهما تحمل تكاليف الجنازة، التي لم يستطيعا توفيرها، فأصبحت دينا عليهم. 

قال محمد، وعيناه غارقتان في الدموع، "كان بيع كلية زوجتي خطيئة، لكن لم يكن لدينا خيار آخر". 

ولم تكن كلية محمد التي دمرها الأفيون مفيدة للتبرع. 

غطت عملية بيع كلية نازانين بالفعل ديون الزوجين وتكاليف الجنازة والنفقات الطبية، لكنها استنزفت صحة الزوجة القائمة على شؤون الأسرة، والتي كانت تعاني أصلا من سوء التغذية. 

وقالت نازانين وهي جالسة على الأرض بلا فراش، بينما كان أطفالها يجلبون الماء من بئر في الفناء: "أشعر بدوار في الرأس طوال الوقت، كما أشعر بالغثيان".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.