سوريا كانت واحدة من أكبر مصدري الفوسفات في العالم قبل أن تندلع الحرب الأهلية في عام 2011
سوريا كانت واحدة من أكبر مصدري الفوسفات في العالم قبل عام 2011- أرشيفية

نقلا عن موقع الحرة

كشف تحقيق استقصائي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، الجمعة، تفاصيل بشأن تجارة أوروبا السرية في الفوسفات السوري التي قالت إنها توفر "شريان حياة اقتصادي" لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وتمول الأوليغارشية الروسية الخاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

وتحت عنوان "الأموال المغمسة بالدم.. تجارة أوروبا السرية في الفوسفات السوري"، ذكر التحقيق، الذي أعدته الصحيفة بالتعاون مع منظمات وصحفيين من عدة دول، أن صادرات الفوسفات السوري الرخيص إلى أوروبا ازدهرت في السنوات الأخيرة، مضيفة أن أوروبا تمتلك القليل من احتياطيات الفوسفات الخاصة بها مما جعل مزارعيها يعانون للحصول على الأسمدة الفوسفاتية نتيجة ارتفاع أسعارها بسبب الحرب في أوكرانيا.

تقول الصحيفة إنه في يناير الماضي، اختفت سفينة شحن ترفع علم هندوراس من أنظمة التتبع الدولية قبالة سواحل قبرص. 

وعندما عادت إلى الظهور بعد أسبوع، لوحظت وهي تتجه شمالا إلى أوروبا، لكنها رست قبل ذلك في ميناء تسيطر عليه روسيا في سوريا لتحميل الفوسفات.

ويكشف تحليل للعشرات من الرحلات باستخدام بيانات تتبع السفن عن نمط مشابه للسفن التي تحمل الفوسفات من سوريا، حيث تختفي من نظام التتبع التابع للمنظمة البحرية الدولية أثناء توجهها نحو سوريا وتعاود الظهور في طريقها إلى أوروبا بعد أسبوع أو أسبوعين.

في حين أن عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا لا تحظر صراحة واردات الفوسفات، إلا أنها تحظر ابرام أي صفقات مع وزير النفط والموارد المعدنية السوري، المسؤول عن قطاع الفوسفات في البلاد، وفقا للصحيفة.

بالتالي دفع هذا الأمر الشركات الأوروبية للتعامل مع شبكة معقدة من الشركات الوهمية والوسطاء لشراء الفوسفات السوري، الذي يتم شحنه خلسة على متن السفن.

وتشير الصحيفة إلى أن تحقيقها الاستقصائي المشترك تتبع شحنات الفوسفات من مناجم الصحراء في سوريا إلى مصانع الأسمدة في أوروبا، بالاعتماد على تحليلات ووثائق مالية وبيانات تجارية من عشرات البلدان.

تظهر السجلات التجارية الرسمية أن إسبانيا وبولندا وإيطاليا وبلغاريا بدأت مؤخرا في استيراد الفوسفات السوري.، بينما كانت صربيا وأوكرانيا، اللتان تطبقان عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا كجزء من اتفاقياتهما مع الكتلة، تعدان أيضا من كبار المشترين لهذه المادة.

وفقا للتحقيق، فإن عمالا سوريين يستخدمون الحافلات لنقل صخور الفوسفات من المناجم الترابية المنتشرة في المناطق الصحراوية المحيطة بتدمر، المدينة الأثرية التي دمرها متشددو تنظيم الدولة الإسلامية قبل عدة أعوام.

ويشير إلى أن عددا قليلا من السوريين لايزالون يعيشون في القرى المنتشرة في هذه المنطقة القاحلة حيث تواصل الخلايا النائمة لتنظيم الدولة الإسلامية شن هجمات دورية.

ويكشف التحقيق أن متعاقدين أمنيين روس وسوريين يحرسون مناجم الفوسفات والقوافل المتجهة إلى ساحل البحر المتوسط.

 

شركات واجهة

كانت سوريا واحدة من أكبر مصدري الفوسفات في العالم قبل أن تندلع الحرب الأهلية في عام 2011، وتنهار هذه الصناعة نتيجة استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة المحيطة بالمناجم في عام 2015.

أرسلت روسيا قوات إلى سوريا في ذلك العام، وساعدت الأسد في نهاية المطاف على استعادة السيطرة على معظم البلاد، وردت الحكومة الجميل من خلال تسليم عقود سخية للشركات الروسية في مجال الفوسفات الذي يعد من أكثر القطاعات ربحية في البلاد.

وفي عام 2018، سلمت الشركة العامة السورية للفوسفات والمناجم المملوكة لوزارة النفط والثروة المعدنية، السيطرة على أكبر مناجم الفوسفات في البلاد لشركة "Stroytransgaz" الروسية.

تقول الصحيفة البريطانية إن ملكية هذه الشركة تعود للأوليغارش الروسي الملياردير غينادي تيمشينكو، وهو صديق مقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات على الشركة في عام 2014 بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، لذلك نأى تيمشينكو بنفسه عن عمليات شركته في سوريا، والتي يعود تاريخها إلى أوائل القرن الحادي والعشرين.

وفقا للصحيفة فإن كبار موظفي "Stroytransgaz" استولوا في عام 2016 على شركة لوجستية روسية وهمية وغيروا اسمها، لكنها على الورق مملوكة لشركة مقرها موسكو تدير أعمالا لعملاء مجهولين وتدير صادرات الفوسفات للحكومة السورية مقابل 70٪ من العائدات.

وفي عام 2018 فازت شركة تابعة لتيمشينكو بعقود لتشغيل ميناء التصدير في طرطوس ومصانع الأسمدة التي تديرها الدولة في سوريا، مما أتاح لها التحكم في سلسلة توريد الفوسفات بأكملها في سوريا.

تقول الصحيفة إن الشركات الأوروبية التي تشتري الفوسفات السوري تخاطر بإفشال العقوبات المفروضة على حكومة بشار الأسد، وكذلك تيمشينكو الذي يعد من أوائل الأوليغارش الذين فرضت عليهم عقوبات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.