العالم

40 عاما على تأسيس حزب الله..أعداء أكثر وشعبية تتراجع

أسوشيتد برس
01 سبتمبر 2022

بعد أربعين عاما على تأسيس حزب الله إبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، تحولت الحركة إلى أكبر جماعة مسلحة في الشرق الأوسط.

حزب الله الذي تسلحه وتموله إيران، أحيى الذكرى السنوية لتأسيسه باحتفالات في معاقله مؤخرا، بعدما بات يهيمن على السياسة اللبنانية ويلعب دورا مؤثرا في نشر نفوذ طهران في أنحاء العالم العربي.

لكن القوة الشيعية التي حظيت بالثناء بين العرب لوقوفها بصلابة أمام إسرائيل، أصبحت تواجه انتقادات شديدة من عدة جبهات.

في الداخل اللبناني يعارض فصيل كبير من السكان قبضة حزب الله على السلطة ويتهمونه باستخدام التهديد بالقوة لمنع إحداث أي تغيير.

وفي أنحاء المنطقة يشعر كثيرون بالاستياء من تدخلات حزب الله عسكريا في العراق وفي الحرب الأهلية في سوريا، حيث ساعدت الحركة - جنبا إلى جنب سوريا- في قلب ميزان القوى لصالح قوات الرئيس بشار الأسد.

لا يوجد تاريخ محدد لتأسيس حزب الله، الذي بدأ من مجموعة صغيرة من المقاتلين بمساعدة الحرس الثوري الإيراني، لكن الجماعة تقول إن تأسيسها جاء في صيف عام 1982.

تأتي الذكرى الأربعون هذا العام بعدما حذر مسؤولو حزب الله من احتمال اندلاع حرب مجددا ضد إسرائيل بسبب الحدود البحرية المتنازع عليها الغنية بالغاز.

وعلى مدار سنوات، عزز حزب الله قوته العسكرية، إذ يفتخر بوجود 100000 مقاتل مدربين تدريباً عالياً.

والآن يقول زعيم الحركة وأمينها العام حسن نصر الله، إن لديهم صواريخ دقيقة التوجيه يمكنها ضرب أي مكان في إسرائيل ومنع السفن من الوصول إلى ساحل البحر المتوسط في إسرائيل، إضافة إلى طائرات مسيرة متقدمة يمكنها إما ضرب اهداف أو جمع معلومات استخبارية.

يقول جو ماكرون، المحلل في شؤون الشرق الأوسط:"تطور حزب الله بشكل كبير في العقود الأربعة الماضية، تنظيميا من حيث الهيكل، وعالميا من حيث الانتشار، وإقليميا من حيث المشاركة”.

ومن إنجازات حزب الله على مدار السنوات الأربعين الماضية، شن حرب عصابات ضد القوات الإسرائيلية التي كانت تحتل أجزاء من جنوب لبنان.

وعندما أجبر الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في مايو أيار 2000 - دون اتفاق سلام - جلب ذلك ثناء لحزب الله من أنحاء الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم حزب الله، محمد عفيف، في مؤتمر صحافي في يوليو الماضي، للاحتفال بالذكرى السنوية "من كان يتصور أنه يمكن هزيمة عدونا؟".

لكن منذ الانسحاب، تصاعد الجدل حول حزب الله بشكل مطرد مع تغير دوره.

في عام 2005 اغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، أقوى سياسي سني في البلاد في ذلك الوقت، إثر انفجار ضخم لشاحنة مفخخة في بيروت.

واتهمت محكمة مدعومة أمميا ثلاثة من أعضاء حزب الله بالوقوف وراء اغتياله، ونفى حزب الله هذه الاتهامات.

كما أُلقي باللوم على الحركة في اغتيالات أخرى استهدفت في الغالب مسيحيين وسياسيين ومثقفين ينتقدونها، ونفى حزب الله هذه الاتهامات كذلك.

تقول الصحافية والوزيرة السابقة مي شدياق، التي فقدت ذراعها وساقيها في محاولة اغتيال عام 2005 عندما وضعت متفجرات في سيارتها، إن "حزب الله يمثل خطرا كبيرا على لبنان".

وتضيف لوكالة أسوشيتد برس، أن حزب الله "يعمل على توسيع نفوذ إيران في لبنان، ووهذه خطة طويلة الأجل تجري منذ 40 عاما".

وردا على سؤال حول ما إذا كان حزب الله هو المسؤول عن محاولة اغتيالها، أكدت شدياق: "بالطبع. ليس هناك شك في ذلك. كل هذه الاغتيالات (ومحاولات الاغتيال) مترابطة".

تسبب إصرار حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه منذ انسحاب إسرائيل في انقسام اللبنانيين بشدة، الذين يطالب بعضهم بنزع سلاحه، مبررين ذلك بأن الدولة وحدها هي التي يحق لها حمل السلاح.

بينما يدعم آخرون تسليح الحركة "لأنها يجب أن تستمر في القدرة على التصدي لإسرائيل".

خاض حزب الله حربا غير محسومة ضد إسرائيل استمرت 34 يوما في صيف 2006.

وتعتبر إسرائيل اليوم حزب الله أخطر تهديد مباشر لها، وتشير تقديراتها إلى امتلاكه نحو 150 ألف صاروخ وصاروخ موجه نحوها.

مستهل يوليو من العام الجاري أسقط الجيش الإسرائيلي ثلاث طائرات من دون طيار أطلقها حزب الله نحو منطقة تم فيها تركيب منصة غاز إسرائيلية مؤخرا في البحر المتوسط.

وحذر نصر الله من أنه "لن يسمح لإسرائيل بالاستفادة من حقول الغاز في منطقة الحدود البحرية المتنازع عليها قبل التوصل إلى اتفاق مع لبنان".

ووصف الميجور جنرال أوري غوردين، القائد الجديد للقيادة الشمالية الإسرائيلية، حزب الله بأنه "تهديد خطير" بسبب قربه من إسرائيل وترسانته.

وقال للأسوشيتدبرس من القدس: "هذا جيش إرهابي قوي للغاية. هو ليس بقوة الجيش الإسرائيلي ولا بقوة سلاح الجو الإسرائيلي. نحن في موقع مختلف تماما عندما يتعلق الأمر بقدراتنا العسكرية. لكن لديه القدرة على التسبب في ضرر جسيم".

وقال عفيف، المتحدث باسم حزب الله: "طالما هناك عدوان فستكون هناك مقاومة".

في عام 2008 قررت حكومة رئيس الوزراء المدعوم من الغرب فؤاد السنيورة تفكيك شبكة اتصالات حزب الله.

ورد حزب الله بالاستيلاء بالقوة على أحياء سنية في بيروت، في أسوأ قتال داخلي منذ انتهاء الحرب الأهلية بين عامي 1975 و 1990، كما شكل خرقا لتعهد حزب الله بعدم استخدام أسلحته في الداخل.

ربما كان القرار الأكثر إثارة للجدل الذي اتخذه حزب الله هو إرسال آلاف المقاتلين إلى سوريا منذ 2013 لدعم الأسد ضد مقاتلي المعارضة، وكذلك ضد المقاتلين المرتبطين بالقاعدة وداعش.

وقال المحلل ماكرون إن التدخل "يعني الضلوع في صراع داخلي لدولة عربية مجاورة بدلا من الوفاء بتفويض مزعوم لحزب الله لمقاومة إسرائيل".

في جميع الدول العربية ترسخت صورة حزب الله كقوة شيعية طائفية تقاتل بشكل رئيسي المسلحين السنة وتنشر نفوذ إيران في المنطقة.

كما وجهت اتهامات لحزب الله بمساعدة الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، ما دفع ست دول عربية على الأقل إلى إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية.

في الداخل اللبناني استخدم حزب الله نفوذه القوي وسط الشيعة للفوز بهيمنة سياسية.

في عام 2016 انتخب حليفه المسيحي ميشال عون رئيسا للبلاد، ثم فاز وحلفاؤه بأغلبية برلمانية في انتخابات لاحقة، ما أدى إلى أن يكون له دور في إطار نظام حكم ألقي باللوم عليه في عقود من الفساد وسوء الإدارة تسببت في الانهيار الاقتصادي للبلاد، منذ أواخر عام 2019.

انطلقت في أواخر عام 2019 احتجاجات حاشدة تطالب بإبعاد السياسيين القائمين على الحكم، وبعدها بأيام هاجم مئات من أنصار حزب الله المتظاهرين في وسط بيروت، وأجبروهم على الفرار.

وفي أكتوبر 2019، اشتبك أنصار حزب الله وميليشيا منافسة مسلحة أيضا في بيروت، على خلفية تحقيقات في انفجار ميناء بيروت المدمر عام 2020.

وعاقب الناخبون حزب الله وحلفاءه في انتخابات هذا العام، ما جعلهم يفقدون أغلبيتهم البرلمانية.

أسوشيتد برس

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.