تعيش مدينة مهاباد شمال غربي إيران، احتجاجات واسعة وأعمال عنف وحالة غليان، تزايدت بعد مقتل متظاهرين ومواطنين برصاص قوات الأمن التي انضمت إليها مؤخرا قوات الحرس الثوري.
تقول منظمة "هنغاو" الكردية لحقوق الإنسان ومقرها النرويج، إنه تم استخدام أسلحة فتاكة على نطاق واسع من قبل القوات الحكومية، وفي غضون ثلاثة أيام فقط قتلت أربعة من سكان المدينة.
مهاباد ليست الوحيدة التي تشهد تظاهرات، فرقعة الاحتجاجات تمتد على كامل جغرافيا البلاد منذ 16 سبتمبر الماضي، إثر وفاة الشابة مهسا أميني، إلا أن المدينة التابعة لمحافظة أذربيجان الغربية، ويبلغ عدد سكانها نحو 170 ألفا، لها خصوصية كونها كردية سنية أولا.
كما أن الأكراد يعتبرون مهاباد المدينة الرئيسة في جمهورية مهاباد، التي لم تدم أكثر من 11 شهرا، وكانت أولى تجارب الحكم المستقل لهم. ففي 22 يناير 1946، أعلنوا بدعم من الاتحاد السوفيتي عن ولادة "جمهورية مهاباد الشعبية الديمقراطية"، بواسطة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران قاضي محمد، وشملت مساحتها حينذاك 30% من المساحة الإجمالية لما يسمى كردستان الشرقية.
يقول أيمن محمد، وهو رئيس تحرير موقع "إيران إنسايدر"، إن مهاباد تشكل أهمية لدى الأكراد في ما يسمى كردستان العراق وكذلك في إقليم كردستان العراق، ليس فقط لأنها شهدت ولادة أول جمهورية، بل لأنها من أوائل المدن التي شهدت احتجاجات مناهضة للنظام الإيراني بعد مقتل مهسا أميني".
ويضيف لـ"ارفع صوتك": "ويميزها أيضاً حجم مشاركتها الشعبية في الانتفاضة الحالية، حتى باتت بشكل كامل خارج سيطرة الأجهزة الأمنية مع عدة مدن كردية أخرى أبرزها بوكان وسقز، إضافة لحجم التعاطف الشعبي معها في تظاهرات المدن الأخرى ذات الغالبية الفارسية أو العربية أو التركمانية أو الأذرية".
"حيث نجد أن المحتجين في طهران يهتفون لمهاباد، وهذا الأمر يزعج النظام الإيراني الذي يحاول اللعب على وتر القومية تارةً، والمذهبية تارة أخرى، في محاولة لخلق شرخ بين أطياف الشعب الإيراني"، يتابع محمد.
ويؤكد الصحافي المتخصص بالشأن الإيراني، أن احتجاجات 2022، أفشلت محاولات اللعب على وتر الطائفية أو القومية، على عكس احتجاجات سابقة اندلعت لأسباب اقتصادية عام 2019، أو احتجاجات عام 2009 التي سميت "الحركة الخضراء"، التي اندلعت على خلفية تزوير الانتخابات، وكلتاهما قُمعتا بشكل وحشي.
وبحسب محمد، يميز الاحتجاجات الحالية "اجتماع الأسباب السياسية والاقتصادية والأهم الاجتماعية، وهو ما برز من خلال تضامن المدن الإيرانية بعضها مع بعض كما في حالة التضامن مع مهاباد".
وحول دخول الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج، يوضح محمد، أن دخولهم بسلاحهم الثقيل إلى مهاباد يأتي ضمن عدة محاولات منها اتهام المتظاهرين بالارتباط بجهات خارجية وبالخيانة.
وتحذر عدة منظمات حقوقية من ارتكاب مجزرة في المدينة، كما أن تقارير إخبارية نشرت فيديوهات متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رصدت مسيرات إيرانية لعدد من المحتجين في مدينة مهاباد.
وتفيد مواقع موالية للنظام في إيران أن قوات الحرس الثوري دخلت إلى مدينة مهاباد للقبض على عناصر من جماعة "كومله" التي تصنفها السلطات ضمن المجموعات الانفصالية الإرهابية.