يجمع خبراء البيئة والمناخ على وجود أثر كبير للحروب على تدهور البيئة والموارد الطبيعية والبشرية، ما يؤدي إلى تهديد حياة البشر، وصحتهم العامة وحتى وجودهم على كوكب الأرض.
لكن مع ارتفاع سخونة المناخ، بات الخبراء يناقشون الأثر العكسي للتغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة على تأجيج النزاعات المسلحة حول العالم، بسبب الصراع على الموارد.
في 6 نوفمبر 2020، كتب أنطونيو غوتيرش، الأمين العام للأمم المتحدة، بياناً بمناسبة اليوم الدولي لمنع استغلال البيئة في الحروب والنزاعات المسلحة، أكد فيه أن "النزاعات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة".
ودق غوتيريش منذ ذلك الحين ناقوس الخطر فيما يتعلق بارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي، الذي يؤدي إلى زيادة "شدة الضغوط والتوترات البيئية"، وفي الكثير من الأحيان، يتابع الأمين العام للأمم المتحدة، "تسقط البيئة ضحية من بين ضحايا الحرب، إما بسبب أعمال التدمير المتعمدة أو نتيجة لأضرار لاحقة، أو لأن الحكومات تعجز عن مراقبة الموارد الطبيعية وإدارتها خلال النزاعات".
وأشار غوتيرش، في بيانه المنشور على الموقع الرسمي للأمم المتحدة، أنه بالرغم من أن اضطراب المناخ والتدهور البيئي لا يشكلان السبب المباشر للنزاعات، إلا أنهما عاملان يمكن أن يزيدا احتمالات نشوب النزاعات.
النقاش نفسه كان جزءاً من حلقة حوارية نظمتها قبل أيام "المبادرة العربية للإصلاح"، تناولت "تأثيرات النزاعات المسلّحة على البيئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
وناقش خبراء بيئيون استضافتهم المبادرة أثر الحروب الكارثي على مناطق النزاعات وما تتركه من دمار وآثار قاتلة لا يمكن تجاوزها بسهولة وتحتاج بعدها الحياة في مناطق النزاعات إلى سنوات للتعافي.
وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن "الألغام ومخلفات الحرب غير المنفجرة، مثل القنابل غير المنفجرة والقذائف والقنابل العنقودية الصغيرة، تستمر في القتل والتشويه حتى بعد نهاية النزاعات".
وهذه "المشكلة المهلكة"، بحسب الصليب الأحمر تُسمّى "التلوث الناجم عن السلاح". ويَحرِم هذا النوع من التلوث مجموعات سكانية بأكملها "من المياه والحطب والأراضي الزراعية والرعاية الصحية والتعليم، كما يعيق أعمال الإغاثة ويحرم السكان من المساعدات ويفاقم المشاكل الإنسانية".
في الحلقة الحوارية، يقول فؤاد فؤاد، وهو طبيب وأستاذ في مجال الصحة العامة في الجامعة الأميركية في بيروت، إن "التغير المناخي مسألة سياسية في العمق، وليست فقط مسألة مقتصرة على العلماء ونشطاء البيئة"، ويجب بحسب فؤاد "الدفع باتجاه جعل قضية المناخ أولوية سياسية لدى السياسيين ووسائل الإعلام في الشرق الأوسط".
من جهته، يرى الصحافي والناشط البيئي منير قبلان أن وسائل الإعلام في المنطقة العربية "لا تولي الأهمية اللازمة للخطر الذي تتهدده الحروب على البيئة، وأن الأنظمة لا تعير الاهتمام للقضايا البيئية، لذا فإن على الناس أن يتحركوا للمطالبة بالدفع بالهموم البيئية إلى الواجهة".
وكان باحثون وأساتذة في جامعة كامبريدج حذّروا العام الماضي مما سمّوه "سيناريو النهاية المناخية"، ومن الأخطار الوجودية التي يمكن أن يسببها التغير المناخي على مستوى المجاعات والصراعات والحروب وانتشار الأمراض.
وتحدث الباحثون في "كامبريدج" عما أسموه "الفرسان الأربعة" في نهاية اللعبة المناخية وهم: المجاعة والطقس القاسي والحروب والأمراض المعدية. وحثّ العلماء قادة العالم على التحقيق في النتائج المحتملة للتغير المناخي وارتفاع حرارة الأرض، والتي تتراوح بين خسارة 10٪ من سكان العالم وصولاً إلى انقراض الجنس البشري في نهاية المطاف، في أبشع سيناريو ممكن اذا لم يتم اتخاذ الخطوات الضرورية لوقف التدهور البيئي الخطير الذي يواجهه العالم.