تسعى إيران إلى خلق تنظيمات على طراز حزب الله عمادها مقاتلوها من سورية والعراق وأفغانستان وباكستان/وكالة الصحافة الفرنسية
يتخوف الكثيرون في الشارع اللبناني من دخول حزب الله في حرب مع إسرائيل بالتزامن مع الحرب الدائرة بين تل أبيب وحماس.

في ظل المساعي الدولية المكثفة من أجل التهدئة والتخوف الدولي من توسع رقعة حرب "غلاف غزة" منذ إطلاق حركة حماس الفلسطينية هجومها العسكري في السابع من أكتوبر الحالي،  تفاوتت المواقف في الشارع اللبناني بين مؤيد لتدخل حزب الله، وبين معارض لما قام به خلال الأيام الفائتة من إطلاق صواريخ بأوقات متفرقة نحو مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، خصوصاً أن البلد يعيش أزمات متعددة ومركبة، منذ أربع سنوات.

الموقف الرسمي

أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال ​نجيب ميقاتي، على محاولة إبقاء "​البلاد​ بعيدًا عن الحرب أو عن أيّ حالة من عدم الاستقرار"، مصراً على التمسك باستقرار البلاد.

في نفس الوقت، لفت ميقاتي إلى عدم حصوله على "ضمانة من أحد لأنّ الظّروف متغيّرة باستمرار"، مشيراً إلى أنه لمس "واقعية وعقلانيّة لدى ​حزب الله​".

بدوره، رأى رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة أن لبنان "غير قادر على أن ينخرط بعملية ضد إسرائيل لأنه مأزوم أصلا"، مكررا رفضه "أي قرار يتخذه حزب الله أحاديا لأن قرار حزب الله ليس لبنانياً بل إيرانياً" فيما "قرار السلم والحرب لا بد أن يكون بيد الدولة وأن وأغلبية اللبنانيين ترفض توريط لبنان" وفق تعبيره. 

بالنسبة للعديد من المحللين السياسيين والمراقبين، فإن الموقف الرسمي اللبناني غير كاف. تقول الإعلامية اللبنانية إكرام صعب: "الموقف الرسمي هو أقرب إلى صمت رسمي وليس بحجم المسؤولية، ولم يردع حزب الله عن اتخاذ قرار أحادي وكأن حزب الله الآمر الناهي".

وتضيف لـ"ارفع صوتك": "أنا ضد جر لبنان نهائيا للحرب ومن غيرالمسموح لحزب الله أو لإيران التحكم بهذا القرار، وقد شهدنا بالأمس الأول هول ما حصل للصحافيين كما عاشت بلدة شبعا ساعات قلق ورعب نتيجة إطلاق صورايخ حزب الله على الرادار الإسرائيلي من بين منازل المدنيين، وهذا أمر مرفوض دولياً وعلى أكثر من صعيد. واستشهد جراء القصف على شبعا رجل مسن هو ابن مزارع شبعا وهو صاحب الأرض التي يصارع من أجلها حزب الله".

"واليوم قالها قاضي شرع منطقة حاصبيا ومرج عيون معبرا عن موقف دار الفتوى في لبنان، إما أن تفتح كل الجبهات أو اتركوا شبعا والقرى المجاورة بسلام، وهذا يحدو بنا للتشديد على تحييد المدنيين في الوقت الذي يقوم حزب الله بالقصف من فوق أسطح منازلهم ليأتي الرد عليهم مباشرة"، تتابع صعب.

ترقب مجرى الأحداث

من جهتها، ترى المحللة السياسية أنجيلا أديب، أنه "لا يمكن الرهان على دخول مباشر في هذه الحرب من لبنان"، معربةً عن أسفها لـ"غياب اليقين في لبنان في ظل التعامل مع طرف لا يبالي حقا بلبنان وبمواطنيه".

تبين لـ"ارفع صوتك": "نحن نعيش مع طرف يصعب التنبؤ باندفاعاته، وقراراته مرتبطة أصلا بالمصلحة الإيرانية حصرا. ومع ذلك، أثق بأنه لن يتدخل فورا وسيبقى الورقة الأخيرة". 

المحلل السياسي قاسم قصير، يقول إن "القيادات في لبنان ودول المنطقة تتابع التطورات بدقة وتدرس كلّ السيناريوهات المتوقّعة، من ضمنها سيناريو معركة طويلة الأمد تطرح كلّ الخيارات في هذه الحرب الكبرى".

ويعتبر أن "التنسيق والتعاون الميداني وتبادل الخبرات بين قوى المقاومة مستمرّ في الأراضي المحتلة وخارجها في ظل التطوّرات الميدانية اليومية، وهذا ما أكدت عليه زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى لبنان والمنطقة".

يوضح قصير لـ"ارفع صوتك": "الأمر مفتوح على كل أشكال التصعيد وصولاً إلى خوض المعركة البرّية. وفي لبنان، هناك تدرّج في خوض المواجهة من خلال كلّ المستويات الأمنيّة والسياسية والشعبية والعسكرية والإعلامية، وستصعّد المواجهة تلقائياً في ضوء التطوّرات الميدانية في قطاع غزّة".

في السياق نفسه، يقول الصحافي والمحلل السياسي حسن هاشم، إن "الدولة اللبنانية ما زالت تتصرف ضمن إطار الأعراف الدبلوماسية والمواثيق الدولية. وقد تقدمت بشكوى للأمم المتحدة ولا قرار لبناني بخوض هذه المعركة بحكم عدة عوامل".

العوامل، بحسب ما يوضح لـ"ارفع صوتك" هي: "الوضع الداخلي والأزمة وعدم وجود تفاهم بين القوى الداخلية على فتح معركة. وعلى المستوى السياسي يبقى ما يحصل في الجنوب ضمن ما يسمى بقواعد الاشتباك وتقتصر المناوشات على المناطق الحدودية والمناطق المحتلة خصوصا، ولا يوجد قرار لدى حزب الله بالتالي لدى إيران بفتح هذه الجبهة، وفي حال قررت إيران فتح جبهة وهذا لن يخضع لتوقيت إسرائيل، فستشمل الجبهة المنطقة ككل.

ويتابع هاشم: "على الرغم من أن الفرقاء اللبنانيين كافة قد عبروا عن تضامنهم مع غزة، استمر تشديد المراقبين على حزب الله وعلى عدم جر لبنان إلى هذه المعركة".

 

في مواقع التواصل

تنقسم آراء اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي بين مشجع لحزب الله على التصعيد ومهلل لأي خطوة تنضوي على تدخل لبناني في الحرب، وبين رافض لجر البلاد إليها ممن يعتبر أن الحزب يحاول قطف ثمار هذه الحرب.

هذا التباين ينعكس بالاتهامات المتبادلة إما بـ"العمالة" أو بـ"عدم الولاء للبنان من الطرفين". 

تعلّق الإعلامية إكرام صعب على ذلك بالقول: "فيما يخص الجيوش الإلكترونية فليتهموا من يتهموا لا أحد يكترث بهم. نحن نريد إزالة كل الاحتلالات من لبنان وتصريح وزير الخارجية الإيراني من بيروت هو أكبر دليل على احتلال لبنان من قبل بلاده. المطلوب رفع صوت كل المسؤولين اللبنانيين وعدم جر لبنان الى حرب والتشديد على عدم استفراد حزب الله بالرأي والانجرار إلى الحروب".

هذا التخوف، انعكس على قطاع التعليم في لبنان حيث أغلقت المدارس المتاخمة للمناطق الحدودية أبوابها بينما اقترحت أخرى دمجاً شكلياً للتعليم الحضوري وعن بعد، من أجل تأمين استفادة الطلاب الذين لن يستطيعوا الوصول من الجنوب.

كما دعت سفارات أجنبية في لبنان رعاياها لتجنب مناطق الصراع مثل السفارات الكندية والألمانية والبريطانية. 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.