حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران.
حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران.

في أغسطس من العام 2022، أعلنت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية المدعومة من إيران، إطلاق عملية تحت مسمّى "وحدة الساحات" للردّ على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مواقع للحركة في غزة.

تسمية "وحدة الساحات" بدت لافتة حينها، بعد استخدامها كشعار إعلامي للقوى المسلّحة المدعومة من إيران في منطقة الشرق الأوسط على مدى سنوات، قبل أن تتحول في العام 2022 إلى عنوان العملية التي أطلقتها سرايا القدس، وليعود الحديث عنها بشكل مكثّف منذ السابع من أكتوبر الماضي بعد هجوم حماس على إسرائيل.

جرى تداول مفهوم "وحدة الساحات" إعلامياً بشكل مكثّف في وسائل إعلام المحور المتحالف مع إيران والقصد منه توحيد ساحات القتال بين هؤلاء الحلفاء.

في ورقة بحثية نشرها مركز "حضارات" للدراسات الإستراتيجية، يشرح الخبير العسكري والأمني عبد الله أمين أنّ القصد من هذا المفهوم هو "أن هناك مجموعة من ساحات العمل، تضم مجموعة من الفاعلين الذين تتقاطع مصالحهم وأهدافهم على العداء لعدو واحد، وأن الإضرار به، ومنعه من تحقيق أهدافه، وإضعافه مادياً ومعنوياً، كلها أمور تصبّ في المصالح الكلية ـ الدنيوية والأخروية ـ  لهؤلاء الفاعلين".

ويتابع أمين أن هذا الأمر "يتطلب منهم جميعاً أن يتوحدوا في مواجهة هذا العدو وضربه واستهداف مصالحه، في معركة لكل منهم فيها نصيب".

وتضم هذه "الساحات" الساحة الفلسطينية والساحة اللبنانية التي ينشط فيها "حزب الله" ومجموعة من الفصائل الفلسطينية التي تعمل من لبنان، بالإضافة إلى الجولان السوري، ومن اليمن حركة أنصار الله الحوثية، كما يشارك العراق عبر تنظيمات مسلّحة مرتبطة بإيران.

وفي المعركة الحالية الدائرة بين إسرائيل وحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة، يحضر مفهوم "وحدة الساحات" كورقة ضغط على إسرائيل وحلفائها على جبهات عدة، أهمها الجبهة اللبنانية التي يقول "حزب الله" إنه يقوم عبرها بـ"إلهاء" الجيش الإسرائيلي من التركيز على غزة، وتسجيل بعض القصف من جبهة الجولان في سوريا، بالإضافة إلى قيام الحوثيين بإطلاق صواريخ ومسيّرات مفخخة باتجاه إسرائيل من اليمن، فيما تتولّى فصائل مسلحة عراقية استهداف قواعد أميركية في العراق.

هذا "الضغط"، كما يسميه الباحث في معهد "كارنيغي" مهنّد الحاج علي، يأتي كـ"جزء من مبدأ وحدة الساحات ويشكّل مستوى معيناً من الردع الذي تحاول هذه القوى فرضه على إسرائيل".

وهذا المستوى يعتبر "جديداً" بحسب الحاج علي، لجهة "إشغال الإسرائيليين ورفع مستوى الضغط على الولايات المتحدة الأميركية الحليف الأساسي لإسرائيل".

حاج علي يشبّه مفهوم "وحدة الساحات" بالـ"نيتو"(حلف شمال الأطلسي) المصغّر لهذه الحركات المسلّحة، وهذا يعني "تبادل الخبرات العسكرية والتقنية بين هذه القوى ومشاركة المعلومات والخطط وأساليب القتال". وهذا الأمر، كما يقول حاج علي، "استفادت منه حماس بشكل واضح في الفترة الأخيرة"، وهو ما برز في العملية العسكرية المنظّمة التي شنّتها كتائب القسّام في السابع من أكتوبر الماضي.

من هنا، لا يعني مفهوم "وحدة الساحات" بحسب حاج علي، الذهاب إلى حرب إقليمية بالضرورة كما كان يجري التسويق له في السابق في حال تجاوز إسرائيل لـ"خطوط حمراء" ترتبط بالمسجد الأقصى مثلاً. بل، إن حلفاء إيران اليوم، يتابع حاج علي "يوزّعون الأدوار فيما بينهم لتشتيت إسرائيل في حربها ضد "حماس".

وهذا، بحسب الباحث اللبناني، لا يعني بالضرورة أن "حزب الله" في لبنان قد يذهب إلى تصرّف "انتحاري" و"حرب شاملة" لتغيير قواعد الاشتباك على الأرض، بل إن الواضح أن قواعد الاشتباك لا تزال نفسها منذ انتهاء حرب تموز 2006"، وكل ما يشهده الجنوب اللبناني حتى اللحظة يندرج ضمنها، في انتظار أي تغيّر نوعي في المستقبل.

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.