عامل صحي في مستشفى الشفاء يتفحص صورة الأشعة السينية لأحد المرضى. (أرشيفية)
عامل صحي في مستشفى الشفاء يتفحص صورة الأشعة السينية لأحد المرضى. (أرشيفية)

بات مستشفى الشفاء في غزة محل حديث وكالات الأنباء العالمية في ظل عملية عسكرية نفذتها إسرائيل وانتهت باقتحامه، وهي خطوة أثارت انتقادات دولية عديدة بسبب المخاوف على المرضى والأطقم الطبية في أكبر مستشفيات غزة.

ويتهم الجيش الإسرائيلي حماس بتحويل المشفى إلى مركز قيادة لعملياتها، فيما تنفي الحركة ذلك.

تكرّرت هذه التهمة في العمليات العسكرية السابقة أيضا، حيث تقول إسرائيل إن حماس  تستغل المستشفى لحفر أنفاقٍ هجومية وعقد اجتماعات ميدانية في غُرفه تنتهي بإقرار خطط استهداف الجنود الإسرائيليين.

اقتحام مستشفى الشفاء.. هل أثبتت إسرائيل استخدامه كـ"مركز قيادة لحماس"؟
قبل سيطرة الجيش الإسرائيلي على مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، طالما تحدث عن أنه مركز قيادة لعمليات حركة حماس تخطط بداخله لهجماتها ضد إسرائيل.

ومع دخول القوات الإسرائيلية للمستشفى كشفت عن مقاطع فيديو وصور، وقال الجيش الإسرائيلي إنها أدلة على ما ذكرته مسبقا بشأن المستشفى.

تأسّس مستشفى الشفاء عام 1946 في قطاع غزة. وتوسع طيلة العقود الماضية حتى أصبح أكبر منشأة طبية في القطاع والضفة الغربية.

بحسب كتاب "23 يوليو.. وعبد الناصر: شهادتي" لعصام حسونة، رئيس المحكمة العليا بغزة، فإن مشفى الشفاء تحوّل إلى مستشفى للصليب الأحمر، خلال فترة "العدوان الثلاثي"، عام 1956، والتي انتهت بسيطرة إسرائيلية مؤقتة على القطاع عاد بعدها إلى مصر وظل تحت حُكمها حتى  عام 1967.

 

تحت حكم إسرائيل

 

أنهت حرب 1967 سيطرة مصر على القطاع، وأصبحت المنطقة بكاملها تحت الاحتلال الإسرائيلي.

يقول الكاتب الفلسطيني عبد القادر ياسين، في كتابه "إنهم يقتلون الأسرى"، إنه كان، يعمل عشية حرب يونيو 1967،  إدارياً في مستشفى الشفاء. لكنه اضطر خلال الحرب إلى تعويض النقص في عدد المسعفين والمساهمة في نقل الجرحى من منازلهم إلى المستشفى حيث خضعوا للعلاج.

ووفقاً لكتاب "واقع استخدام أساليب إدارة الأزمات في المستشفيات الحكومية الكبرى في قطاع غزة"، لربحي الجديلي، فإن إسرائيل حينما أخضعت قطاع غزة لسيطرتها تولّت إدارة مؤسساته الصحية الكبرى بما فيها مستشفى الشفاء الذي كان واحداً من 4 مستشفيات كبيرة في القطاع وبلغت سعته في أوائل الثمانينات 336 سريراً.

يقول الجديلي: "كانت حالته سيئة بسبب نقص التجديد والمعدات التي لا يمكن مقارنتها بالمعدات الموجودة في المستشفيات الإسرائيلية".

وفي كتابه "التحولات الفلسطينية 1967-1987"، شدّد عمر حلمي الغول على أن المستشفى عانَى أسوأ أوضاعه في ظِل السيطرة الإسرائيلية حتى إنه وصفه بأنه "نموذج حي لسوء أوضاع المستشفيات في غزة".

رغم تدهور الأوضاع، لم تنقطع محاولات التطوير البطيء في خدمات المستشفى بعدما شهد إنشاء أول وحدة لعلاج الأمراض النفسية في 1970 تحت إشراف طبيب واحد كان يقدّم العلاج النفسي لجميع المرضى النفسيين في أنحاء القطاع.

 يقول محمد أبو الحصين في بحثه عن الضغوط النفسية لدى الممرضين والممرضات العاملين في المجال الحكومي، إنه خلال فترة السيطرة الإسرائيلية جرى افتتاح أول عناية مركزة للبالغين في غزة داخل المستشفى بقدرة استيعاب بلغت 7 أسرّة بالتزامن مع حرب الخليج الأولى.

في 1987، اندلعت "الانتفاضة" الفلسطينية الأولى بعد دهس سائق مقطورة إسرائيلي 4 عمال فلسطينيين من مخيم جباليا، لتجتاح المظاهرات أغلب المناطق الفلسطينية وعلى رأسها غزة.

منذ اليوم الأول للانتفاضة، كان "الشفاء" الوجهة الأولى لتلقّي المصابين. لذا شهد حملات ضخمة للتبرع بالدماء، وأيضاً شهد احتكاكات عسكرية بين المتظاهرين والجيش الإسرائيلي.

قاد المظاهرات حينها حول "الشفاء" عددٌ من رموز حماس على رأسهم حسين أبو اللبن القيادي في كتائب القسام الذي اعتُقل حينها.

ووفقاً لما ذكره عمر حلمي الغول، فإن المستشفى لم يكن مجهزاً لإسعاف الأعداد الكبيرة من المصابين خلال أيام الانتفاضة.

ووثّقت منظمة العفو الدولية يومها شهادات لجنود إسرائيليين اقتحموا مشفى الشفاء واقتادوا بعض الجرحى إلى مراكز الاحتجاز.

بعد توقيع اتفاقية أوسلو، تولّت السُلطة الفلسطينية مام الأمور في المستشفى ورُفع العلم الفلسطيني فوقه وسط احتفالية حضرها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وأدخلت على المستشفى بعض التحسينات زادت من سعة العناية المركزة إلى 11 سريراً، كما أضيف إليه قسم للعناية بالقلب وبالأطفال الخدج.

وفي 2002، بات يعمل في المستشفى 403 ممرضين من إجمالي 1026 يعملون في المستشفيات الحكومية بغزة.

ارتبط اسم المستشفى كذلك بعدد من الكوادر الرئيسية في حركة حماس، على رأسهم عبد العزيز الرنتيسي، الذي تولّى قيادة الحركة بعد وفاة مؤسسها أحمد ياسين.

عمل الرنتيسي طبيبا في المستشفى، ومات فيه متأثرًا بجروحٍه عقب غارة إسرائيلية على سيارته.

 

حروب إسرائيل وحماس.. نزيف مستمر

 

عقب انسحاب إسرائيل من غزة وفرض حماس سيطرتها، عام 2005، ضُرب حصار محكم حول القطاع زاد من حجم الضغوط الملقاة على عاتق المستشفى بسبب زيادة عدد المرضى من ناحية ونقص الموارد الطبية المتاحة لأطبائه من ناحية أخرى.

فبسبب نقص كميات الوقود التي تحتاجها محطة الكهرباء لتزويد القطاع بالطاقة اللازمة تأثّر مستشفى الشفاء وتعطّلت العديد من أجهزته تحديداً حضانات الأطفال.

في مايو 2007، أصدرت منظمة الصحة العالمية بياناً عبّرت فيه عن قلقها من تردي الأوضاع داخل المستشفى بسبب نقص إمدادات الدم و"مواد تصوير الأشعة".

بعدها بعام، وفي ظل استمرار الحصار وانقطاع الكهرباء، لجأ سكان غزة إلى استخدام الحطب لإشعال النار، وهو ما كان يتسبّب في خسائر بليغة، حيث ارتفع عدد ضحايا الحروق التي استقبلها مستشفى الشفاء بنسبة 300% طبقاً لما أورده نعوم تشومسكي وإيلان بابه في كتابهما "غزة في أزمة".

وفي 2014، وفد الطبيب النرويجي ماديس جيلبيرت على مستشفى الشفاء للعمل فيه متطوعاً مثلما اعتاد الفعل كلما تعرض القطاع للحرب. بعد عودته وصف جيلبيرت تجربته قائلاً: "مستشفى الشفاء يختنق بالمصابين الذين وصلوا إليه، ففيه جرحى يفوقون حجمه وإمكانياته".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

كاميرات مراقبة في إسطنبول سجلت لحظة الحادثة
كاميرات مراقبة في إسطنبول سجلت لحظة الحادثة | Source: DHA

ذكرت وسائل إعلام تركية، السبت، أن نجل الرئيس الصومالي المتهم بالقتل غير العمد بعدما دهس وقتل رجلا كان يقود دراجة نارية في إسطنبول، فرّ إلى جهة مجهولة بينما صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية.

وتثير هذه القضية التي دانها خصوصا رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، معارض الرئيس رجب طيب إردوغان، الكثير من الانتقادات على خلفية إطلاق سراح المشتبه به محمد حسن شيخ محمود من دون رقابة قضائية بعد تقرير أولي للشرطة، حسبما أشارت صحيفة جمهورييت.

وقال إمام أوغلو السبت على منصة "إكس"، "غادر المشتبه به تركيا غير مكبل اليدين". وأضاف "العقلية السائدة التي تغضّ الطرف وتسمح بهذا الهروب، هي للأسف عاجزة عن الدفاع عن حقوق مواطنيها في بلدها".

وأفاد تقرير الشرطة الذي نقلته قناة "خبر" التلفزيونية، بأنّ نجل الرئيس حسن شيخ محمود صدم دراجة نارية في وضح النهار في 30 نوفمبر.

والضحية يونس إمري غوسر أب لطفلين، توفي في المستشفى بعد ستة أيام على الحادث الذي أُلقي خلاله بشكل عنيف على الطريق.

وأصدر المدعي العام مذكرة توقيف بحق السائق "لكن عندما ذهبت الشرطة إلى منزل المشتبه به الجمعة، كان مفقوداً منذ الثاني من ديسمبر"، حسبما أفادت قناة "خبر".

وأضافت القناة "لذلك، صدرت بحقّه مذكرة توقيف دولية، (الجمعة) 8 ديسمبر 2023" من قبل مكتب المدعي العام في إسطنبول.

من جهته، ندّد محامي الضحية إياز شيمين بالتقرير الأول لشرطة المرور الذي ألقى باللوم في الحادث على "تهوّر" الضحية، حسب "جمهورييت".

وأضاف أنّ "تقرير خبير ثانٍ مع تسجيلات فيديو أظهر أنّ سائق السيارة كان مسؤولاً بنسبة 100 في المئة" عن الحادث، معرباّ عن خشيته من أنّ الأخير "لن يتمّ القبض عليه أبداً".

وتحافظ تركيا منذ حوالى عشر سنوات على علاقة وثيقة مع الصومال "الدولة الشقيقة" التي يبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة وذات الغالبية المسلمة في القرن الإفريقي.

وتعدّ الصومال شريكاً اقتصادياً رئيساً لتركيا، خصوصاً في مجالات البناء والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والتعاون العسكري.