بالإضافة إلى أنه كان عاماً صعباً على ملايين اللاجئين والنازحين حول العالم، أضافت الكوارث الطبيعية والحروب، ملايين آخرين، يعانون بدورهم نقص الموارد وتخفيضاً للمساعدات من مفوضية اللاجئين، بالإضافة لصعوبات الاستقرار وغياب الأمان في مناطقهم.
كما مثل 2023 سابقة في تاريخ مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، حيث العجز المالي الكبير الذي بلغ 400 مليون دولار، ما أدى لإضعاف دورها في مواجهة الأزمات المتعددة والمتتالية. ففي أماكن قلصت المساعدات، وأماكن أخرى لم تستطع الوصول إليها.
الرحيل المستمر للسوريين
بحسب ما أعلنت مفوضية اللاجئين فإن اللاجئين السوريين الذين فاق عددهم 6.5 مليون لاجيء يعانون أوضاعاً صعبة حول العالم؛ 77% من المقيمين في الأردن و67% من المقيمين في لبنان يعانون من انعدام الغذاء، أما 90% من اللاجئين في تركيا، فإنهم غير قادرين على تغطية نفقاتهم الشهرية.
رغم هذه الظروف الصعبة التي يعيشها السوريون في الخارج فإنهم لا يكفّون عن محاولات الهجرة خارج بلدهم عبر سلك مسارات شديدة الخطورة على حيواتهم، فرغم وفاة ما يزيد عن 26 ألف مهاجر خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط، فإن السوريين ما زالو يحاولون النجاة الظفر بحياة أفضل في مكانٍ آخر حتى لو كلّفهم ذلك حياتهم.
ومنذ أيام قليلة أعلن الجيش اللبناني إنقاذ 54 شخصاً سورياً بعدما تعرّض قاربهم للغرق إثر محاولتهم الهجرة بشكلٍ غير شرعي إلى أوروبا.
الحرب الأهلية في السودان
تسبّب الصراع المحتدم في السودان منذ أبريل 2023 في مقتل 12 ألف شخص وما يزيد عن 7 ملايين نازح اضطروا لمغادرة بيوتهم، منهم ما يزيد عن 3 ملايين طفل، فيما لجأ 900 ألف سوداني إلى مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب أفريقيا.
اشتعال الاقتتال الأهلي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع زاد من صعوبة الأوضاع التي عاشها السودان حتى من قبل الحرب. بحسب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فإن أكثر من 15 مليون سوداني كانوا بحاجة إلى مساعدات قبل الحرب، زادوا إلى 25 مليوناً فور اشتعال القتال وهو عدد يقترب من نصف سكان البلاد.
ووفق تقديرات أممية، فإن تشاد استضافت 420 ألف لاجئ، وهرب إلى مصر أكثر من 300 ألف سوداني.
وتواجه تشاد تحديات ضخمة في ظِل استمرار الحرب وتدفق المزيد اللاجئين، الأمر الذي قد يصل بأعداد الفارين إلى 600 ألف سوداني، وهي أعداد "أكبر من التي استضافتها تشاد خلال الـ20 عاماً الماضية"، كما صرّح عبدالرؤوف كوندي، مدير المفوضية في غرب ووسط أفريقيا.
يبدو أن هذه المعاناة لن يُكتب لها النهاية قريباً في ظِل إحجام كثيرٍ من الدول عن المساهمة بفاعلية في حل هذه الأزمة. ومن إجمالي 2.6 مليار دولار احتاجتها الأمم المتحدة من أجل تخفيف معاناة السودانيين فإنها لم تتلقَ إلا 39% منها فقط.
الحرب الروسية الأوكرانية
وفقاً لآخر التحديثات، بلغ عدد اللاجئين الأوكرانيين داخل أوروبا، أكثر من خمسة ملايين، وفي أرجاء العالم، أكثر من 6.3 مليون لاجئ، عدا عن موجات النزوح الداخلي، حيث وصل عدد النازحين إلى خمسة ملايين.
فور غزو روسيا لأوكرانيا، في فبراير 2022 جرى تفعيل آلية "حماية مؤقتة" سمحت لملايين النازحين الأوكرانيين بامتلاك الحق في المسكن والرعاية الاجتماعية والتعليم. وفي سبتمبر، أعلن قادة الاتحاد الأوروبي تمديد هذه الآلية حتى مارس 2025.
رغم هذه الآلية، فإن آلاف الأوكرانيين لا يزالون يواجهون تحديات كبيرة في المجتمعات الجديدة التي لجأوا إليها، بسبب رغبتهم في اعتبارها محطة نهائية لها.
بحسب إحصائيات لمفوضة اللاجئين، فإن ما بين 62% و71% من إجمالي اللاجئين يرغبون في العودة إلى بلادهم فور استقرار الأوضاع.
مشكلة أخرى يواجهها الوافدون الأوكران، أن أكثر من 30% منهم أطفالاً كُتب عليهم خوض أزمات ضخمة في عُمر مبكر، وتعيّن عليهم أيضاً مواجهة صعوبات نيل تعليم منتظم وحصد مهارات تمكّنهم من الحصول على فرصة عمل بالمستقبل.
الحرب في قطاع غزة
في السابع من أكتوبر الماضي، وعقب هجوم مسلحين فلسطينيين من عدة فصائل، أبرزها "كتائب القسام"، التابعة لحركة حماس، اندلعت الحرب في قطاع غزة، بهجوم جوي مستمر للجيش الإسرائيلي مدهوماً بالسلاح من الولايات المتحدة الأميركية، يوازيه هجوم بري على أرض القطاع، تتخلله معارك واشتباكات بين الطرفين.
وحتى أمس الجمعة، خلّفت الحرب 21 ألفاً و507 قتلى و55 ألفا و915 إصابة، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
ويبدو من تصريحات الحكومة الإسرائيلية، أن هذه الحرب ستمتمد لأشهر أخرى، على الرغم من دخول الجانبين برعاية قطرية مفاوضات لإنهاء القتال، وتبادل الأسرى مع المختطفين الإسرائيليين.
بحسب المجلس النرويجي للاجئين، خلّفت الحرب آثاراً مدمرة على القطاع بعدما أدّت لهدم 50 ألف وحدة سكنية وإلحاق أضرار بـ250 ألف وحدة أخرى.
في هذه الأوضاع المأساوية، اضطر قرابة 1.9 مليون (80% من عدد السكان) إلى النزوح داخلياً، لجأ 689 ألف منهم إلى 150 منشأة تابعة لوكالة الأونروا، حيث تكدّسوا في مدارسها بحثاً عن الأمن والحاجات الأساسية، ما فرض تحديات هائلة أمام هذه المنشآت التي تستضيف أعداداً أكثر مما تحتمل طاقتها الاستيعابية بأربع مرات.