وظيفة بدوام كامل وأرباح شهرية قد تتخطى مئات الآلاف الدولارات. هذا هو تيك توك، أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، بالنسبة للبعض.
ونشر مقاطع الفيديو الذي بدأ عند ملايين المستخدمين لمجرد التسلية، تحوّل إلى مصدر لتأمين الدخل، حتى بات للكثيرين بديلاً عن وظيفة بدوام كامل.
السورية أمينة حسن (@Nanohs7077)، نجحت في فترة قياسية بجمع زهاء 20 ألف متابع من خلال الدردشات الحيّة مع المتابعين، الذين يُقدرون ذلك بدعم حسابها بمبالغ مادية من خلال نقرهم على رموز تظهر لهم مثل ورود وأسود، هي في واقع تيك توك، أموال تتراوح بين (10-500) دولار أميركي.
تقول لـ"ارفع صوتك": "المهمة مرهقة وتتطلب الكثير من المتابعة والمثابرة، وقد يصل عدد ساعات العمل إلى 20 في اليوم الواحد، ما يؤثر بشكل سلبي على النوم. لكن الأمر يستحق، فالمكاسب كبيرة وسريعة".
مكاسب تيك توك
من أين تأتي المكاسب وكيف يمكن تعريف "القيمة" على هذه المنصة؟ في ما يتعلق بالمكاسب، يشكل تيك توك سوقاً اقتصادية بطريقتين: إما مباشرة وإما من خلال المبرمجين الذين يستخدمون البرامج الروبوتية والحسابات الوهمية لدفع التفاعلات.
تأتي أغلب الأرباح من البث المباشر (لايف)، مع الإشارة إلى أن أرباح البث تقتسم بالنصف بين شركة تيك توك والمستخدم، بينما تذهب للأخير كافة الأرباح (النقاط) على الفيديوهات.
"الأرباح الخيالية وإن كانت ممكنة، ليست مضمونة للجميع. وقد تمثل مصدراً للدخل لذوي الحسابات الكبيرة والتفاعل العالي مع محتواهم"، بحسب الدكتور علي محمد أحمد، وهو باحث في علوم الإعلام والاتصال بجامعة العلوم والآداب اللبنانية (USAL).
وتأتي نسبة كبيرة من الأرباح من مصادر غير ثابتة، مثل الإعلانات والرعاية والهدايا الافتراضية من المعجبين. ويتطلب النجاح الكثير من الجهد والإبداع والثبات في تقديم المحتوى.
يقول اللبناني المعروف باسم "بيتر" (@Peter_Sam) لدى سؤالنا إياه خلال بثه المباشر، إنه "لا يعتبر تيك توك وظيفة بحد ذاته، خصوصاً أنه على سبيل المثال ما عاد متاحا في السعودية".
فيما تقول التيك توكر اللبنانية ماريا معلوف (@Maria_Maalouf)، إن النجاح يتطلب الكثير من الجهد والوقت (أحيانا 24 ساعة كاملة) في إنشاء المحتوى وبناء الجمهور، والتفاعل مع المتابعين.
"وهذا يعني أن الخسارة سريعة وسهلة. كما أن الأرباح غير مستقرة أو متقلبة، مما يجعل الاعتماد عليها كمصدر دخل أساسي أمرا محفوفاً بالمخاطر لبعض الأشخاص"، تضيف معلوف لـ"ارفع صوتك".
قيمة المحتوى
بالنسبة لقيمة العمل، يمثل تطبيق تيك توك برهاناً على تغيّر الموازين، إذ ترتبط قيمة ما يتم تقديمه من محتوى، بمدى التفاعل، صحيح أن ذلك يرتبط بمعظم الأنشطة على مواقع التواصل مثل إنستاغرام وفيسبوك ويوتيوب، لكن تيك تيك أحدث طفرة -إن جاز التعبير- بطريقة الحصول على المال وسرعة الأمر وشكل التفاعل على محتلف الحسابات.
يصف الخبير في مواقع التواصل الاجتماعي ومقدم برنامج "هنا تك" المتخصص بالتكنولوجيا، عمر قصقص، تيك تيك، بأنه "يجمع الأضداد".
ويوضح لـ"ارفع صوتك": "أحيانا تبدو كلعبة حظ مع محتوى يختلف البعض في توصيفه إذا ما كان ذا قيمة، ومع ذلك يرتفع تصنيفه، ثم فجأة يصبح ترند. كما أن التفاعل أي التعليقات أو اللايك (مؤشر الإعجاب) أو حتى مشاهدة المحتوى نفسه يغذي الخوارزمية التي ستروج في ما بعد لمحتوى مشابه".
"هذا يعني أن قيمة العمل تنبع من تفاعل المشاهد معه. العمل الذي يجتذب المتابعين مهما بدا بسيطا أو حتى تافها بنظر البعض، سيكتسب حكماً، قيمة أعلى من الأعمال التي لا تجذب القاعدة الجماهيرية ولو كانت هذه الأعمال أكاديمية أو علمية أو أدبية"، يتابع قصقص.
في الوقت نفسه، يعتقد الدكتور علي أحمد، أن العديد من مستخدمي تيك توك حققوا شهرة واسعة، بسبب "قدرتهم على إنشاء محتوى ممتع وتعليمي أو ملهم".
وتعتمد قيمة المحتوى برأيه، على عدة عوامل، مثل التأثير الإيجابي على الجمهور والجودة التعليمية والترفيه، أو حتى القدرة على إثارة التفكير، مشيراً إلى أن تقديم الكثير من المتخصصين في مجال الطبخ والرياضة والتعليم أو الفن، قدموا محتوى ذا قيمة عالية في مجالاتهم.
عموماً، يقول أحمد، إن قيمة المحتوى قد تختلف بحسب تفضيلات كل مشاهد. فما يُعتبر قيمًا بالنسبة لشخص ما، قد لا يكون كذلك بالنسبة لآخر، وهذا التنوع فعلياً يجعل تيك توك منصة غنية.