تحوّل خبر وفاة الطفل يزن الكفارنة في مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنوب قطاع غزة، نتيجة سوء التغذية، إلى مثال لوصف معاناة أطفال غزة، والإضاءة على جانب خطير من الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023.
يزن مصاب بشلل دماغي منذ ولادته، وكان يتبع حمية غذائية ضرورية ويأكل نوعاً خاصا من الطعام، كبعض المشروبات والمكملات الغذائية. لكن منذ بداية الحرب، أصبحت العديد من اللوازم والمواد الغذائية غير متوفرة، وهو ما أدى إلى تدهور حالته الصحية، وأصيب بهزال شديد، قبل أن يفارق الحياة.
وكالة "فرانس برس" نقلت عن وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس وفاة ما لا يقل عن 15 طفلاً في غزة نتيجة الجوع والجفاف. وتحدثت عن "صور مروعة لأطفال أصابهم الهزال بعيون غائرة ووجوه نحيلة".
منذ عام 2004، أصبح للمجاعة تعريف رسمي. فهي تحدث "عندما يواجه ما لا يقل عن 20 بالمئة من السكان نقصاً حادًا في الغذاء، وتتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد 30 بالمئة، ويموت اثنان من كل 1000 شخص بسبب الجوع يومياً".
ولم يتم الإعلان رسمياً عن وجود مجاعة حول العالم سوى مرتين فقط في العقد الماضي: في الصومال في عام 2011، وفي جنوب السودان في عام 2017. فهل هذا يعني أن تعريف المجاعة لا ينطبق اليوم على ما يحدث في غزة؟
مستشارة اليونيسف لشؤون تغذية الأطفال آنو نارايان، تقول لـ"فرانس برس" إنه "ليس من المنطقي التركيز على أن أزمة غزة لم تصل بعد إلى أعلى تصنيف ممكن"، موضحة :"لقد رأينا أن جميع العوامل التي تعرّض الناس، وخصوصا الأطفال الصغار، لمثل هذه المخاطر العالية، موجودة".
ومن المرجح، بحسب نارايان، أن يكون هناك "تأثير مدى الحياة" على بعض أطفال غزة الذين يعانون اليوم من المجاعة.
وبحسب الوكالة الفرنسية، فإن 90 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهرًا والنساء الحوامل والمرضعات في القطاع، يعانون فقرًا غذائيًا حادًا، وفقًا لتقرير صدر قبل أسبوعين عن مجموعة التغذية العالمية، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية المعنية بالتغذية وتقودها اليونسيف.
وتنقل الوكالة عن عاملين في منظمة الصحة العالمية، تمكّنوا من زيارة مستشفيات شمال غزة، إبلاغهم عن "مستويات حادة من سوء التغذية، وأطفال يموتون جوعاً، ونقص خطر في الوقود والغذاء والإمدادات الطبية، وتدمير كبير للمستشفيات".
من جهته، يقول عماد دردونة، طبيب الأطفال في مستشفى كمال عدوان وهو مستشفى الأطفال الوحيد في شمال غزة، للوكالة إن الطاقم لديه ليس لديه ما يقدمه للأطفال المرضى والذين يعانون من سوء التغذية.
"أقصى ما يمكننا القيام به من أجلهم هو إما إعطاؤهم محلولاً ملحيا أو محلولاً سكرياً". وإذا طال أمد سوء التغذية فإنه سيؤدي، بحسب الطبيب، "إلى عواقب طويلة المدى مثل تقزم النمو وتراجع القدرة على التعلم وضعف الجهاز المناعي".
وكانت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس دعت في تصريحات الأحد إلى "بذل مزيد من الجهود لزيادة تدفق المساعدات إلى غزة، لأن سكان القطاع يعانون من كارثة انسانية".
وأضافت هاريس: "ما نشهده في قطاع غزة فظيع. الأسر تأكل أوراق الشجر والأعلاف، الأطفال في غزة يموتون بسبب سوء التغذية والجفاف، والناس يتضوّرون جوعاً بسبب الظروف غير الإنسانية".
وبدأت طائرات عسكرية أميركية بإلقاء عشرات الآلاف من وجبات الطعام، على القطاع، بسبب عدم سماح إسرائيل بتدفق المساعدات عبر معبر رفح البريّ.
وعلقت مديرة مركز الطوارئ الإنسانية في جامعة إيموري دابني إيفانز على الصور الواردة من غزة بأنها تشير إلى "أشد أشكال سوء التغذية، بما في ذلك "الهزال" الذي يشير إلى تدني شديد في الوزن بالنسبة لطول الجسم، نتيجة الانخفاض الحاد في السعرات الحرارية في فترة قصيرة.
وأضافت:"بدأت أجسادهم تنهار وهم في حالة صدمة"، موضحةً أن إعادتهم إلى حالة صحية جيدة تتطلب رعاية طبية دقيقة تحت إشراف متخصصين، وليس مجرد إعطائهم الطعام الذي قد يكون خطراً.