امرأة صومالية في إحدى المستشفيات يعاني طفلها من سوء التغذية- فرانس برس 2022
امرأة صومالية في إحدى المستشفيات يعاني طفلها من سوء التغذية- فرانس برس 2022

كان المتوقع أن يودّع العالم الجوع في عام 2030 إذا ما نجحت المبادرة التي تبنّتها الأمم المتحدة لاستثمار 267 مليار دولار سنوياً من أجل القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي حول العالم، إلا أن الواقع الحالي يؤكد أننا أبعد ما نكون عن تحقيق هذا الهدف.

وبعد أن مرَّ العالم بجائحة فيروس كورونا وتغيرات مناخية عنيفة في بعض المناطق ثم حربي أوكرانيا وغزة فإن الأوضاع ازدادت سوءاً؛ ومنذ 2020 ارتفعت مؤشرات الجوع مع توقعات بأن الأوضاع الحقيقية أسوأ مما ترصده الأرقام بكثير.

موجة الجوع التي تفاقمت في العالم خلال السنوات الأخيرة طالت 30% من سكانه بمعدل 2.4 مليار فرد خسروا إمكانية الوصول المستمر إلى الغذاء كلما احتاجوا إليه، بجانب 42% من السكان باتوا غير قادرين على تناول الغذاء الصحي بسبب ارتفاع تكاليفه.

وبحسب التوقعات التي أُعدت العام الماضي فإن سنة 2024 ستشهد تدهوراً "كبيراً" في أحوال سكان 18 دولة من أصل 22 دولة سبق تصنيفها كـ"نقاط جوع ساخنة"، تعيش أوضاعاً متدهورة تدفعها بسرعة نحو حافة المجاعة وسط عجز العالم عن التعامل مع هذه المشكلات الضخمة.

كذلك فإن 46 دولة جاهدت لتحسين وضعها في مؤشرات الجوع العالمية لكنها لم تصل إلى درجة "منخفضة" بسبب الأزمات الكبيرة التي تعرضت لها وعانَى منها الملايين من ساكنيها.

نتيجة لهذه الأوضاع؛ اعتبر مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، أن تحقيق أهداف "مبادرة 2030" يمثّل تحدياً هائلاً بعدما قدّر أن عدد الذين سيُعانون من الجوع في هذه السنة لن يقل عن 600 مليون فردٍ في أفضل الأحوال.

الأمر ذاته تعرّض له مؤشر الجوع العالمي في تقريره السنوي، حيث أن العالم ليس على المسار الصحيح للقضاء على الجوع.

 

إحصائيات مخيفة

وفق تقديرات الأمم المتحدة عن حالة الجوع في 2023، فإن متوسط عدد الأشخاص الذين واجهوا الجوع بلغوا 735 مليون شخصٍ تقريباً بزيادة قدرها 122 مليون فردٍ عن عددهم في 2019. كما تؤكد ذات التقديرات أن 148 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم و45 مليوناً من الهزال بسبب سوء التغذية.

ورغم أن جهود مواجهة الجوع حققت تقدماً في بعض دول آسيا وأمريكا اللاتينية فإن دول أخرى في منطقة البحر الكاريبي وأفريقيا عانت من ارتفاعٍ كبير في مستويات الجوع.

قارة أفريقيا تحديداً تعاني من أزمة غذائية كبرى حتى أن دولها شغلت المراكز العشر الأولى في مؤشر الفقر بعدما مرّت بنزاعات عسكرية طويلة تزامنت مع أزمات مناخية زادت من معاناة السكان؛ هي: جمهورية أفريقيا الوسطى، مدغشقر، اليمن، الكونغو، ليسوتو، النيجر، تشاد، غينيا بيساو، ليبريا، سيراليون، مع تأكيدات عن وجود دول أخرى تستحقُّ مكاناً بارزاً في هذه القائمة لو توفّرت الإحصائيات الرسمية المناسبة، مثل: الصومال وبوروندي وجنوب السودان.

 

دول الحروب والجوع

السودان الذي يعيش حرباً أهلية منذ سنة تقريباً سقط عميقاً في تداعيات هذا القتال الذي حرم ملايين السودانيين من زراعة أراضيهم، وعطّل حركة الاستيراد ورفع الأسعار بشكلٍ كبير وقيّد دخول المساعدات الإنسانية إلى البلاد.

جراء ذلك دخل حوالي 18 مليون سوداني في دائرة الجوع الحاد، وفق ما أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).

وبحسب إحصائيات دولية فإن 730 ألف طفل سوداني يعانون من سواء التغذية الشديد، من بينهم أطفال دارفور، حيث يموت منهم طفل كل ساعتين في مخيمات النازحين بسبب سوء التغذية، كذلك فإن 9 من بين كل 10 أفراد في مناطق الصراع الساخنة يعيشون انعدام الأمن الغذائي.

ويبدو أن هذه المشكلة لن تُحلّ قريباً في ضوء غياب الإرادة الدولية لذلك؛ فمن 2.7 مليار دولار أعلنت الأمم المتحدة احتياجها لها لإغاثة المتضررين السودانيين لم تتلقّ سوى 144 مليون دولار فقط.

كذلك هاييتي التي تعيش أوضاعاً شديدة الاضطراب منذ مقتل الرئيس جوفينيل مويز في يوليو 2021، بسبب أعمال الاقتتال الداخلي التي أسفرت عن مقتل الآلاف ونزوح مئات الآلاف من بيوتهم.

حالياً يعيش أكثر من 360 ألف نازح في هاييتي -المُصنّفة كأفقر دولة في الأميركيتين- ظروفاً مروعة يعجز العالم عن حلّها بالشكل الناجز بسبب سيطرة العصابات على الطرق الرئيسة واستيلائها المنتظم على المساعدات التي ترد من الخارج، الأمر الذي وضع هاييتي في أسوأ أزمة جوع عرفتها في تاريخها.

وفقاً للأمم المتحدة فإن أكثر من نصف سكان هاييتي (5.2 مليون فرد) بحاجة ماسة للحصول على طعام. ووفق دراسة أُجرتها منظمة إنسانية منتصف العام الماضي يعاني 97% من أسر المشاركين بها من الجوع الشديد.

أما قطاع غزة الفلسطيني الذي يعيش حرباً ضارية منذ أكتوبر 2023، فإنه يعاني أزمة غذائية ضارية قادته لحافة المجاعة بعدما توفي قرابة 27 طفلاً بسبب الجوع. وبحسب تقرير دولي فإن 1.1 مليون شخص في غزة -نصف السكان تقريباً- استنفدوا بالكامل إمداداتهم الغذائية و300 ألف فردٍ منهم سيدخلون في مجاعة خلال أيامٍ معدودة، كما أن واحداً من بين كل ثلاثة أطفال يعانون من سوء التغذية الحادة التي قد تؤدي بهم للموت.

إلى الصومال الذي يعيش أوضاعاً صعبة هو الآخر بسبب ظروف الحرب والمناخ القاسي الذي يعانيه منذ سنوات. فقد وصل عدد الأشخاص الذين يُعانون الجوع نحو 4.3 مليون فرد من بينهم مليون شخص مهدد بالمجاعة.

كذلك فإن الاضطرابات الكبرى التي تعيشها جمهورية الكونغو دفعت ربع السكان (قرابة 23.4 مليون) إلى أزمة جوع غير مسبوقة، هذه الأوضاع الصعبة دعت برنامج الأغذية العالمي لإعلان حاجته إلى 548.5 مليون دولار لمواصلة عملياته في الكونغو.

وكان برنامج الأغذية العالمي أصدر توقعات متشائمة عن الأوضاع في أفريقيا، منها زيادة كبيرة في أعداد الجياع في دول غرب ووسط أفريقيا لتصل إلى 49.5 مليون فرد في منتصف 2024.

بالإضافة إلى توقع بأن 8 من بين كل 10 أطفال لا يأكلون الحد الأدنى من معدلات الغذاء العالمية، 2 من بين كل 3 أسر لا تملك ما يكفي لتوفير الغذاء الكاف، وتوقعات مؤكدة بتزايد عدد الأطفال الذين يعانون من الهزال الشديد بسبب قِلة الطعام الذين بلغ عددهم 1.9 مليون طفل في 9 دول أفريقية نهاية العام الماضي.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.