إبراهيم رئيسي
يعد الرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي أحد المقربين الموثوق بهم من قبل المرشد الأعلى، علي خامنئي.

يعد الرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي، الذي لقي مصرعه عن عمر ناهز 63 عاما في حادثة تحطم طائرة مروحية، أحد المقربين الموثوق بهم من قبل المرشد الأعلى، علي خامنئي، بل أن بعض المصادر ذكرت أنه كان المرشح الأقوى لخلافته.

وتم انتخاب رئيسي رئيسًا لإيران عام 2021، عقب محطات كبرى في مسيرته، بدأها في سلك القضاء، حيث تولى منصب المدعي العام في مدينة كرج، وبعدها بفترة قصيرة تولى منصب مدعي عام مدينة همدان، وذلك قبل أن يتولى منصب نائب المدعي العام للعاصمة طهران.

ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن رئيسي، الذي ولد في مدينة مشهد، قد أشرف خلال فترة حكمه للبلاد، على تشديد ما يسمى بقوانين الأخلاق التي تتحكم بلباس المرأة، وحملة قمع قاسية ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، والجهود المبذولة لتوسيع نفوذ إيران الإقليمي، بالإضافة إلى قيادته أول هجوم مباشر لبلاده على إسرائيل.

وحسب تقرير الصحيفة، فإن رئيسي كان عنصرا أساسيا في المؤسسة الإيرانية المتشددة منذ أن كان شابا، إذ أنه حصل على منصب المدعي العام بمدينة كرج قبل أن يتم العشرين من عمره.

وفي السنوات التالية، شق طريقه عبر النظام القضائي الإيراني، ودافع عن الجمهورية الإسلامية الوليدة ضد المعارضين، حيث شغل منصب المدعي العام في طهران عام 1985، وبعدها رئيس مكتب التفتيش العام لمكافحة الفساد والمدعي العام للمحكمة الخاصة برجال الدين.

ومع تعيين صادق لاريجاني رئيساً للسلطة القضائية، أصبح رئيسي النائب الأول له إلى غاية سنة 2014.

في عام 2016، عيّنه المرشد علي خامنئي على رأس مؤسسة العتبة الرضوية المقدسة، وبعدها بسنة، أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، لكن الحظ لم يحالفه في ذلك الوقت. 

وفي نهاية المطاف، ارتقى رئيسي إلى أحد أقوى الأدوار في الحكومة، إذ أصبح رئيس السلطة القضائية، ليسعى من خلاله إلى "تلميع صورته كزعيم يكافح الفساد"، بينما كان يعمل في الوقت نفسه على القضاء على معارضي نظام الحكم في بلاده، وفق الصحيفة.

وكانت منظمات حقوقية دولية قد أكدت أن رئيسي كان "عضواً في لجنة الموت، التي أخفت قسراً، وأعدمت آلاف المعارضين في سجون بالقرب من طهران عام 1988، وذلك بناء على أوامر من المرشد الأعلى الراحل، الخميني".

وكانت الأمينة العامة لـ"منظمة العفو الدولية"، أنياس كالامار، قد قالت عقب انتخاب رئيسي ليحكم البلاد: "بصفته رئيساً للقضاء الإيراني، قاد رئيسي حملة قمع متصاعدة ضد حقوق الإنسان، شهدت اعتقالاً تعسفياً لمئات المعارضين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأفراد الأقليات المضطهدة".

وتابعت: "تحت إشرافه، منح القضاء أيضاً حصانة شاملة للمسؤولين الحكوميين وقوات الأمن المسؤولة عن  القتل غير المشروع لمئات الرجال والنساء والأطفال، وتعريض آلاف المحتجين للاعتقالات الجماعية، وما لا يقل عن المئات إلى الاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، أثناء الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد في نوفمبر 2019 وفي أعقابها".

وردا على سؤال بشأن تلك الاتهامات، قال رئيسي للصحفيين: "إذا كان القاضي أو المدعي العام قد دافع عن أمن الناس، فيجب الإشادة به. أنا فخور لأنني دافعت عن حقوق الإنسان في كل منصب شغلته حتى الآن".

 

وفي 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيسي بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك للدور الذي تردد أنه لعبه في إعدام آلاف السجناء السياسيين في 1988. ولم تعترف إيران قط بهذه الإعدامات.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز " الأميركية، وقتها، إن ذلك الوضع من شأنه أن يجعل رئيسي "أول رئيس إيراني يصعد إلى المسرح العالمي في ظل مثل هذا التصنيف".

وأضافت: "فوز رئيسي يمكن أن يشكل أيضًا مأزقًا محرجًا لإدارة الرئيس جو بايدن، لأنه تم إدراجه في القائمة السوداء بموجب العقوبات الأميركية، والتي تحظر عمومًا أي تعامل معه".

 

رئيس من معسكر المتشددين

أدى فوز رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2021 على حسن روحاني، الرئيس المعتدل نسبياً، إلى إعادة السلطة إلى المتشددين.

ولم تكن النتيجة مفاجأة، إذ كان يُنظر إلى رئيسي على أنه مرشح قوي لخامنئي، في منصب المرشد الأعلى، حيث يتمسك الاثنان بتفسير متشدد للشريعة كأساس للدولة والحكومة.

ووقعت حكومة روحاني الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة، بينما كان رئيسي يكره التعامل دبلوماسياً مع واشنطن أو بقية الغرب.

ووفقا لتقرير "واشنطن بوست"، فقد ورث رئيسي دولة تواجه عدة أزمات، بما في ذلك جائحة فيروس كورونا، والاضطرابات المرتبطة بالاحتجاجات المناهضة للحكومة، بالإضافة إلى اقتصاد مسحوق تحت العقوبات، وصراع متزايد مع إسرائيل، وجمود في المفاوضات مع القوى العالمية بشأن إحياء الاتفاق النووي.

وأدت وفاة الفتاة مهسا أميني، أثناء احتجازها لدى الشرطة، بتهمة انتهاك القواعد الصارمة لملابس النساء، إلى حدوث انتفاضة شعبية، والتي كانت واحدة من أخطر التحديات التي واجهت النظام الإيراني منذ ثورة 1979.

وشارك آلاف الإيرانيين في تلك الاحتجاجات التي انتشرت في معظم أرجاء البلاد لشهور طويلة، للتعبير عن استيائهم من القمع والإهمال الاقتصادي.

وردت الحكومة، بقيادة رئيسي، بإرسال قوات الأمن لقمع الاحتجاجات بوحشية، مما أسفر عن مقتل المئات وإصابة واعتقال الآلاف، وفقا لجماعات حقوق الإنسان.

 

إيران.. والرد على إسرائيل

انخرطت طهران منذ عقود في حرب غير مباشرة مع إسرائيل، حيث تصاعدت حدة التوتر في أبريل، عندما شنت إيران أول هجوم عسكري مباشر على إسرائيل، عبر إطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار.

وقالت إيران إن الهجوم جاء ردا على غارة جوية اتهمت إسرائيل بشنها على قنصليتها في دمشق بسوريا، مما أسفر عن مقتل قادة كبار في الحرس الثوري.

ويبدو أن القصف الإيراني، الذي قالت إسرائيل إنه تم اعتراض 99 بالمئة منه، كان بمثابة استعراض للقوة ومخرج لتجنب توسيع الصراع في الشرق الأوسط، مع شن إسرائيل حربا في قطاع غزة، وفقا لـ"واشنطن بوست".

وبعد الهجوم، أجرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أبلغه فيها أن الولايات المتحدة لن تدعم أي هجوم إسرائيلي مضاد على إيران

وحسب ما نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أميركي، فإن بايدن قال لنتانياهو: "لقد حصلت على انتصار" في إشارة إلى فشل الهجمات الإيرانية.

وأصاب الهجوم الإيراني قاعدة جوية في جنوب إسرائيل، لكنها استمرت في العمل كالمعتاد. وأصيبت طفلة (سبعة أعوام) بإصابات خطيرة جراء شظايا. ولم ترد تقارير أخرى عن أضرار جسيمة.

وعقب ذلك، نقلت وكالة الطلبة الإيرانية عن رئيسي قوله لأمير قطر، تميم بن حمد، إن رد إيران سيكون "قاسيا" على أي تحرك يستهدف مصالحها، فيما أعرب وزير الخارجية الإيراني الراحل، حسين أمير عبد اللهيان، حينها، عن رغبة بلاده في "التهدئة".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.