مسعود بازشكيان يحظى بدعم واسع من قبل الإصلاحيين
مسعود بازشكيان يحظى بدعم واسع من قبل الإصلاحيين

بدأ الناخبون في إيران، الجمعة، الإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية مبكرة، إذ يختارون من بين مجموعة من 4 مرشحين موالين للمرشد جرى اختيارهم بضوابط محددة من قبل مجلس صيانة الدستور.

ومن بين المرشحين الذين يخوضون الانتخابات الرئاسية، لم يبرز سوى مسعود بازشكيان، باعتباره مرشحا غير محافظ، ويحظى بدعم الإصلاحيين، وفق مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.

وبازشكيان هو الأكبر سنا (69 عاما) من بين المرشحين للانتخابات الرئاسية والمرشح الوحيد الذي يمثل التيار الإصلاحي.

يمثل الطبيب الجراح ذو الأصول الأذرية والمولود في 29 سبتمبر 1954، مدينة تبريز في البرلمان.

شغل منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي بين أغسطس 2001 وأغسطس 2005. وهو معروف بصراحته.

واستبعد من السباق الرئاسي في العام 2021.

وطبقا لآخر استطلاعات الرأي، فإن بازشكيان يتقدم على منافسيه حاليا بنسبة 25 بالمئة، كما ارتفع تأييده بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة.

 ومع ذلك، تقول "فورين بوليسي" في تحليل لها، إن "فوز بازشكيان، إذا تمكن من ذلك، لا يضمن أن يؤدي إلى تغيير حقيقي في الحكومة الإيرانية".

وتحظى حملة بازشكيان الانتخابية بدعم كبير من الإصلاحيين، ونقلت وكالة فرانس برس، أن الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، قال في مقطع فيديو، الأربعاء، إن بازشكيان يتمتع بعدة "مزايا مثل النزاهة والشجاعة والوفاء تجاه الأمة"، تمكنه أن يصبح رئيساً للجمهورية، مضيفًا: "أطلب ممن يريدون إرساء علاقات بناءة مع العالم والاعتدال التصويت لصالح الدكتور مسعود بازشكيان".

ويبلغ المرشح الإصلاحي 69 عاماً، وهو أحد المرشحين الثلاثة الأوفر حظاً، في حين أن المرشحين الرئيسيين الآخرين هما رئيس البرلمان المحافظ، محمد باقر قاليباف، والآخر المتشدد سعيد جليلي.

تراجع النفوذ

وتمتع الإصلاحيون بنفوذ كبير في إيران، حيث حققوا فوزا كبيرا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير 2016، والتي جاءت بعد بضعة أشهر فقط من إبرام الاتفاق النووي لعام 2015.

ثم تلا ذلك، فوز روحاني في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 بأكثر من 57 بالمئة من الأصوات.

ومع ذلك، تراجع هذا النفوذ خلال السنوات الماضية، وفقا لـ"فورين بوليسي"، حيث شهد المجتمع الإيراني تغييرات جوهرية على مدى العقد الماضي، مما دفع كثيرين إلى الشك في قدرة الإصلاحيين على إحداث أي تغييرات ذات مغزى في الحكم.

وتشير المجلة إلى أنه "بالرغم من أن الدستور الإيراني ينص على أن الرئيس المنتخب بالاقتراع الشعبي المباشر هو رئيس الحكومة، فإن المرشد الإيراني، علي خامنئي، نجح في توسيع نفوذه بشكل كبير على مدى العقود القليلة الماضية".

وتضيف: "قد تحقق هذا من خلال إنشاء مؤسسات موازية، وتوسيع صلاحياتها، وصياغة سياسات داعمة للنظام. كما تعزز نفوذ المرشد من خلال سلطته الخاصة على أعضاء مجلس الوزراء، الأمر الذي يزيد من سيطرته ويحد من سلطة الرئيس".

ومنذ توقيع الاتفاق النووي، وهي اللحظة التي يُنظر إليها على أنها ذروة شعبية الإصلاحيين في إيران، تغير المشهد السياسي بشكل كبير، حسب "فورين بوليسي"، والتي تشير إلى أن "الإصلاحيين أصبحوا مهمشين داخل المجتمع الإيراني منذ ذلك الحين، حيث تم إبعادهم تماما من الحكومة، في أعقاب فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، والذي قُتل إثر تحطم طائرة هليكوبتر مايو الماضي".

وتضيف المجلة: "حتى قبل الانتخابات المبكرة هذ الشهر، استبعد مجلس صيانة الدستور الشخصيات الرئيسية في الحركة الإصلاحية من الترشح، ولم يتبق سوى بازشكيان".

واعتمد مجلس صيانة الدستور الذي يتألف من 6 من رجال الدين و6 من رجال القانون موالين لخامنئي، قائمة مرشحين تضم 6 أشخاص من إجمالي 80 متقدما للترشح، قبل أن ينسحب بعد ذلك مرشحان.

ومن بين المحافظين المتشددين المتبقين، محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان والقائد السابق بالحرس الثوري، وسعيد جليلي، المفاوض النووي السابق والذي عمل لـ4 سنوات في مكتب خامنئي، ومصطفى بور محمدي، وهو رجل دين شغل سابقا منصب وزير العدل في حكومة روحاني بين عامي 2013 و2017.

حشد الناخبين المحبطين

ترى "فورين بوليسي" أن الإصلاحيين يأملون في حشد الناخبين المحبطين لدعم مرشحهم بازشكيان، في ظل الاستياء المجتمعي واسع النطاق، خصوصا بعد الاضطرابات التي شهدتها إيران خلال السنوات القليلة الماضية بداية من الإقبال الضعيف على التصويت في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، والاحتجاجات التي جرت في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة.

وعلى خلفية هذه "الأحداث المضطربة"، تأتي الانتخابات الرئاسية في وقت قاطعت فيه نسبة كبيرة من المجتمع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة في عامي 2021 و2024 على التوالي، حسب المجلة، والتي تشير إلى أن الناخبين فعلو ذلك لسببين.

الأول هو استبعاد المرشحين الإصلاحيين على نطاق واسع، الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة خاتمي زعيم الإصلاحيين أو التصويت في الانتخابات الأخيرة، بما في ذلك الانتخابات البرلمانية في مارس 2024.

والسبب الثاني والأكثر أهمية، وفق "فورين بوليسي"، هو خيبة الأمل التي أصابت المجتمع الإيراني تجاه أداء حكومة روحاني، حيث "إنه في البداية، كان هذا التفاؤل مدعوما بآمال كبيرة في الاتفاق النووي، ولكن سرعان ما تبدد مع فشل الاتفاق وإعادة فرض العقوبات، فاستبدل الأمل بالغضب واليأس".

ووفق المجلة فإن الإصلاحيين الآن يحثون الجمهور على إعادة النظر في استراتيجية مقاطعة الانتخابات، بحجة أن المقاطعة لم تجلب أي تغيير.

ومع ذلك، يعتقد الكثيرون في المجتمع الإيراني الآن أن التحسن لا يكمن في العملية الانتخابية، حسب "فورين بوليسي"، والتي تشير إلى أنه "في ظل حكم خامنئي الذي دام 35 عاما، تراجعت سلطات الحكومة بشكل مطرد، كما يؤكد بازشكيان في تصريحاته أن خامنئي يحدد الاتجاه العام للبلاد".

وخلال حملته الانتخابية قال بازشكيان إن خامنئي يحدد السياسات العامة للدولة، بما في ذلك السياسة الخارجية، ويجب على الحكومة أن تتماشى مع هذه التوجيهات.

"عقبات كبيرة"

ورغم أن الإصلاحيين ما زالوا قادرين على التأثير على الرأي العام، حسب "فورين بوليسي"، فإن قسما كبيرا من المجتمع فقد الثقة بهم، حيث تأتي خيبة الأمل هذه بعد عقود من الأحداث التي أدت إلى تآكل قاعدة دعم الإصلاحيين، والتي كانت قوية بما يكفي لانتخاب خاتمي في عام 1997 وإبقائه في منصبه لمدة 8 سنوات، ثم روحاني لمدة 8 سنوات أخرى ابتداء من عام 2013.

ومع ذلك، تقول المجلة إن جهود الإصلاحيين لم تسفر عن نتائج لتغيير دائم، حيث "خنقت المؤسسات الموازية الخاضعة لسيطرة المرشد الأعلى أي جهود تهدف إلى التغيير، كما لم تطرأ أي تحسينات على الاقتصاد، أو الحريات الاجتماعية والمدنية، أو مكانة إيران العالمية، أو حرية التعبير".

ونتيجة لذلك، وفق المجلة، يواجه بازشكيان عقبات كبيرة خلال الانتخابات الحالية، حيث "قوضت مصداقية الحركة الإصلاحية بسبب الفشل في الوفاء بالوعود والحملة القوية التي يشنها النظام ضد المعارضة".

وتقول إن "ارتباط الحركة بحكومة روحاني، التي يرى العديد من الإيرانيين أنها فشلت في إحداث تغيير حقيقي، يزيد من تعقيد موقف بازشكيان".

علاوة على ذلك، تهيمن العناصر المتشددة الآن على المشهد السياسي الإيراني، حيث يتمتع الحرس الثوري الإيراني وغيره من الفصائل المحافظة بسلطة كبيرة، وفقا لـ"فورين بوليسي"، والتي تشير إلى أن "قدرة بازشكيان على التغيير في هذه البيئة المعقدة وتنفيذ إصلاحاته المقترحة أمر غير مؤكد".

وتضيف: "قد يؤدي ترشيحه في نهاية المطاف إلى زيادة نسبة إقبال الناخبين على التصويت أكثر من إحداث تغييرات جوهرية في السياسة".

ونظرا للصلاحيات المحدودة التي يتمتع بها الرئيس، فإن انتصار الإصلاحيين قد يؤدي إلى تعميق "خيبة الأمل" داخل المجتمع الإيراني، حسب ما تضيف "فورين بوليسي".

ولتجنب ذلك، "يتعين على الإصلاحيين أن يتعلموا بواقعية من التاريخ الحديث، فإما أن يمهدوا الطريق أمام المحافظين المتشددين، على أمل أن تنهار الجمهورية الإسلامية أو تعدل مناهجها -وهو الموقف الذي يؤيده بقوة أنصار تغيير النظام- أو أن يعترفوا أن قدرتهم محدودة على التغيير"، على ما تقول المجلة.

وتختتم "فورين بوليسي"، تحليلها بالقول: "إن عدم الاهتمام بهذه الدروس قد يؤدي إلى تكرار الإحباطات الماضية وتصاعد السخط العام تجاه الإصلاحيين".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.