بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، واتهام إسرائيل بـ"الضلوع في الاغتيال"، تثار تساؤلات حول طبيعة الرد الإيراني وتداعياته ومدى إمكانية تسبب ذلك في "اشتعال حرب إقليمية في المنطقة".
وفي الساعات الأولى من صباح الأربعاء، أعلنت حماس مقتل هنية، مما يثير مخاوف من تصعيد أوسع نطاقا في منطقة تتعرض بالفعل لتوترات بسبب حرب إسرائيل في غزة ومخاوف من تفاقم الصراع وامتداده إلى لبنان.
هل ترد إيران؟ وكيف؟
الأربعاء، أعلنت إيران الحداد ثلاثة أيام بعد مقتل هنية، وتوعد المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بإنزال "أشد العقاب" بإسرائيل المتهمة باغتيال زعيم حماس في طهران.
ويؤكد الخبير الاستراتيجي المقيم في إيران، حكم أمهز، أن الرد الإيراني على مقتل هنية "أمر حتمي" لأن الأمر يتعلق حاليا بـ"الانتقام المباشر" من إسرائيل.
ويتحدث أمهز لموقع "الحرة"، عن "انتهاك إسرائيلي مباشر للسيادة والأرض الإيرانية، واستهداف ضيف (له ثقله) كان متواجد في قلب طهران"، واصفا ما حدث بـ"زلزال كبير ضرب منطقة الشرق الأوسط".
ويشير إلى أن الرد الإيراني على إسرائيل سيكون "مباشرا وقاسيا"، لكنه "لن يكون منفردا"، بعد فتح نتانياهو "عدة جبهات" في لبنان واليمن، وبالتالي سيكون هناك "ردود متزامنة من محور المقاومة".
ويتوقع الخبير الاستراتيجي "رد الفصائل الفلسطينية على مقتل هنية"، بالتزامن مع استمرار الحرب في قطاع غزة.
وتشكل الجماعات المدعومة من طهران ما يسمى بـ"محور المقاومة"، وهو تحالف من المليشيات المسلحة التي تضم حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي بمثابة خط دفاع أمامي إيراني، وتستخدمها إيران لنشر نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.
ويرى المحلل السياسي الإيراني المعارض المقيم في لندن، وجدان عبد الرحمن، أن إيران "مضطرة" أن ترد بعد مقتل هنية على أراضيها، ما قد يوسع نطاق الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
وأصبح النظام الإيراني "في مأزق شديد" لأن "الاستهداف" جاء في قلب طهران وكان هنية "ضيفا" عندهم، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشير عبد الرحمن إلى أن "الجماعات الموالية لإيران" سوف تشارك في الرد على مقتل هنية، مما قد يدفع المنطقة إلى "حرب شاملة" في نهاية المطاف.
ويؤكد أن النظام الإيراني سيحرك "الجماعات الموالية له" وعلى رأسها حزب الله اللبناني، وبالتالي سيكون "رد طهران الأولي" من الجبهة الشمالية في لبنان في بداية الأمر.
وبعد ذلك سوف يحرك النظام الإيراني جماعة الحوثي في اليمن والمليشيات الموالية لطهران في سوريا والعراق، لفتح "عدة جبهات في وقت واحد"، حسبما يضيف عبد الرحمن.
ويتوقع المعارض الإيراني أن تقوم إيران بـ"إطلاق مقذوفات على الأراضي الإسرائيلية" على غرار ما حدث بعد استهداف سفارتها في سوريا.
ويمكن أن تهدد طهران السفارات الإسرائيلية في عدة دول، لكنها "لن تطلق صواريخ تسبب أضرارا كبيرة لإسرائيل"، وفق توقعات عبد الرحمن.
ومن جهته، يتوقع الباحث في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشؤون الإيرانية، محمد خيري، أن "تسارع" إيران في الرد على مقتل هنية.
والرد الإيراني العسكري "حتمي" لغسل سمعة إيران بعد اختراقها بشكل فج في أكثر من مناسبة علاوة على كون هنية ضيفا على الأراضي الإيرانية، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويرى خيري أن طبيعة الرد الإيراني ستكون من خلال الإيعاز لحزب الله اللبناني بتنفيذ ضربة عسكرية داخل إسرائيل كرد فعل على اختراق الداخل الإيراني.
وقد تقوم طهران بـ"الإيعاز" لميليشيات الحوثي في مناطق شمال اليمن بتوجيه صواريخها الباليستية إلى عمق مدينة إيلات، حسب الباحث في الشؤون الإيرانية.
نظام ضعيف
لكن على جانب آخر، فإن المحلل السياسي الإسرائيلي، إيدي كوهين، "لا يتوقع" أن ترد إيران على مقتل هنية على أراضيها.
والنظام الإيراني "أضعف" من أن يرد أو يهاجم إسرائيل، ولا توجد مخاوف إسرائيلية من "هجوم إيراني مرتقب"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشير كوهين إلى أن النظام الإيراني سوف يكتفي بـ"التهديد والتلويح"، دون اتخاذ خطوات فعلية.
هل ترد إسرائيل على "الانتقام الإيراني"؟
تحتل إسرائيل المرتبة 17 بين أقوى جيوش الأرض، وتمتلك واحدا من أكبر الجيوش في العالم، خاصة من ناحية التجهيز العسكري، وتعتمد على "ضخامة قوتها العسكرية"، من أجل الحفاظ على نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
ولذلك، يحذر الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي، العقيد موشيه إلعاد، من محاولة النظام الإيراني "مهاجمة إسرائيل".
وإسرائيل لا تخشى التهديدات الإيرانية، وإذا لزم الأمر ستدافع عن نفسها ضد أي هجوم إيراني، سواء بالتعاون مع حلفائها أو "منفردة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشير العقيد السابق بالجيش الإسرائيلي إلى أنه "إذا نجح التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة ودول أوروبية ودول أخرى ضد طهران، فلن تكون هناك مشكلة في التغلب على إيران".
وإذا اضطرت إسرائيل إلى القتال بمفردها، فهذا ممكن أيضا، رغم أنه سيكون أكثر صعوبة، حسبما يشدد إلعاد.
ويؤكد الخبير العسكري الإسرائيلي أن "إسرائيل ليس لديها خيار.. فإذا أرادت حماية شعبها وأرضها، عليها أن تحافظ على قوة الردع".
لكن على جانب آخر، يؤكد خيري أن "إسرائيل ستتجنب الرد على تلك المحاولة للثأر، لعدم توسيع الجبهات العسكرية، في ظل تخوفات من إصابات دقيقة قد تصيب العمق الإسرائيلي".
ويشير الباحث في الشؤون الإيرانية أيضا إلى أن نتانياهو "يرغب في توسيع الصراع العسكري الإسرائيلي مع محور المقاومة لضمان بقائه في السلطة لأطول فترة ممكنة"، على حد قوله.
حرب إقليمية؟
إيران مسلحة بأكبر عدد من "الصواريخ البالستية" في المنطقة، وتحتل المرتبة الـ14 عالميا بين أقوى جيوش الأرض، وفق موقع "غلوبال فاير باور".
ولذلك، يؤكد أمهز أنه "إذا كان هناك رد إسرائيلي على ما سوف تفعله إيران، فسوف يكون هناك رد إيراني مضاد"، ما يعني "اتساع نطاق الحرب في المنطقة".
ويشير الخبير الاستراتيجي إلى أن الولايات المتحدة لن تقف "مكتوفة الأيدي" إذا تم استهداف إسرائيل، وبالتالي فالمنطقة أمام "مخاطر كبيرة" قد تصل إلى حد "الحرب الإقليمية".
وقد "تشتعل المنطقة بأكملها"، إذا لم تتدخل الولايات المتحدة لـ"منع إسرائيل من الرد على إيران"، حسبما يشدد أمهز.
وإذا لم تستطع الولايات المتحدة أو شاركت إسرائيل في "توجيه ردود" فالحرب لن تقتصر على المنطقة في ظل الأهمية "الاستراتيجية" للشرق الأوسط، ووقتها سوف تنتقل "الكارثة" من المنطقة إلى العالم، حسبما يضيف الخبير الاستراتيجي.
ويرى أن دخول الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في أي معركة، يعني استهداف حليف "خصميها" الصين وروسيا واللذان لن "يقفا مكتوفا الأيدي"، وقد يمدان "محور المقاومة" بحاجته التسليحية واللوجستية.
ويحذر أمهز من مغبة "عدم تدارك التصعيد الواقع"، ما قد يفتح الأبواب على "اندلاع حرب إقليمية وجودية"، واستهداف القواعد والمصالح الأميركية والغربية في المنطقة.