على مدى أشهر الحرب التسعة الماضية، لم يسلم لبناني تقريباً من التأثر بالتشويش الجاري على نظام تحديد المواقع GPS، في لبنان.
على مدى أشهر الحرب التسعة الماضية، لم يسلم لبناني تقريباً من التأثر بالتشويش الجاري على نظام تحديد المواقع GPS، في لبنان.

في وقت تتقدم الأولويات والاعتبارات العسكرية على كل ما سواها بين لبنان وإسرائيل، إثر تصاعد المواجهة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، يضيق هامش الأنشطة المدنية أكثر فأكثر، في السماء والبحار وعلى الأرض، فتحجب الأجواء عن الطائرات المدنية لصالح الطيران الحربي والمسيرات والصواريخ، وتقيد الملاحة البحرية لصالح البوارج العسكرية، وتخلى البلدات والمدن على جانبي الحدود من سكانها لتصبح ميدانا للجنود والمقاتلين وهدفاً للقصف المتبادل.

الأمر نفسه ينسحب على المجالات الأخرى، مثل التكنولوجيا والتقنيات، التي باتت معسكرة هي الأخرى، في خدمة المعركة الدائرة.  وعلى مدى أشهر الحرب التسعة الماضية، لم يسلم لبناني تقريباً من التأثر بالتشويش الجاري على نظام تحديد المواقع GPS، في لبنان.

كلٌّ بحسب مجاله واستخداماته، نال نصيبه من تداعيات غياب خدمة باتت تمثل اليوم ضرورة من ضرورات الحياة، ويشكل حجبها انتهاكاً لحقوق المدنيين في الاستفادة منها، وفق الخبراء، بعدما بات الاعتماد عليها يدخل في أبسط وأدق تفاصيل الحياة، فيما غيابها يترك تداعيات اجتماعية اقتصادية وأمنية كبيرة، وينذر بكوارث تصل إلى حد تهديد السلامة العامة والأرواح.

من الجو إلى البحر

مطلع شهر أغسطس الجاري، أعلنت الخارجية اللبنانية، عن تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي وأمام الأمين العام للأمم المتحدة عبر بعثتها الدائمة في نيويورك، اتهمت إسرائيل بممارسة هذا التشويش، وطالبت بإدانة "الاعتداءات الإسرائيلية السيبرانية على لبنان."

وأضافت أنّ "هذه الاعتداءات تشكل خطرا جديا على خدمات الطيران المدني فيه، وتهدّد أمن شبكات الاتصال والأجهزة والتطبيقات والبيانات الإلكترونية وسلامتها في المنشآت والمرافق الحيوية اللبنانية."

وهي الشكوى الثانية من نوعها بعد الأولى في مارس الماضي، حيث يعبر لبنان الرسمي بصورة مستمرة عن قلقه من تأثير التشويش على الملاحة الجوية بشكل خاص، حتى أن المديرية العامة للطيران المدني أوعزت إلى الطيارين المتجهين من وإلى مطار بيروت، "بضرورة الاعتماد على التجهيزات الملاحية الأرضية، وعدم الاعتماد على الإشارة التي يلتقطونها عبر GPS نتيجة التشويش القائم في المنطقة، وحفاظا على السلامة."

وكانت وكالة السلامة الجوية الأوروبية EASA قد أبرزت المخاطر الجسيمة الناجمة عن التشويش والتزييف لإشارات GPS في نشرتها المعلوماتية الأمنية بتاريخ 6 نوفمبر 2023، التي تؤثر على كل شركات الطيران في شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك حركة الإقلاع والهبوط وتحديد الموقع خلال الملاحة وارتفاع مخاطر الاصطدام، فضلاً عن تعطيل العديد من طبقات الحماية المرتبطة بالصدمات، والتي تعتمد على تحديد الموقع الجغرافي والارتفاع، إضافة إلى قياس حالة الطقس والرياح وغيرها.

وكان لطائرات "الدرون" الخاصة بالتصوير الجوي، والمستخدمة لأغراض مدنية، نصيب كبير من آثار التشويش على حركة طيرانها، حيث سلط تقرير لموقع "الحرة" الضوء على حجم الخسائر التي تعرض لها أصحاب هذه الطائرات وشركات تصوير الأعراس والحفلات بسبب غياب خدمة GPS، ما أدى إلى تحطم واختفاء أعداد كبيرة منها، وقدم النصائح اللازمة لتفادي تداعيات المشكلة.

طائرات التصوير تتساقط في لبنان والخسائر كبيرة.. ما السبب وكيف يمكن تفاديه؟
لم يكن يعلم حسين بزوني، صاحب شركة تصوير مناسبات وحفلات، عندما أطلق طائرة التصوير المسيرة (كوادكوبتر) ليلة الثاني من يونيو الماضي، خلال تصويره لحفل على شاطئ الرميلة قرب مدينة صيدا، جنوب لبنان، أنه سيفقدها للأبد، "كانت إشارة الإرسال للأقمار الاصطناعية ممتازة على الأرض، ولكن حين ارتفعت في الجو انعدمت الإشارة وبلغت صفر، وبغياب الـ GPS فقدتُ السيطرة عليها تماماً، ثم اتجهَت في رحلة أخيرة فوق البحر إلى أن اختفت."

آثار التشويش نفسها، تنعكس على الملاحة البحرية أيضاً حيث تأثرت بدورها حركة الملاحة البحرية، وواجهت سفن عدة خلال الأشهر الماضية صعوبات في تحديد مواقعها على السواحل اللبناني، وضمن نطاقات في المياه الدولية يصلها التشويش أيضاً.

وباتت بعض السفن تفضل أن ترسو نهاراً في الموانئ اللبنانية بالاعتماد على العين المجردة بدلاً من الليل حيث يتم الاعتماد بصورة أساسية على GPS.

حتى صيادو الأسماك باتوا يواجهون صعوبات أضعفت إنتاجيتهم نتيجة التشويش، وذلك نتيجة اعتمادهم الكبير في عملية إبحارهم وتحديد مواقع الصيد التي يتجهون إليها ويعودون لها بعد اكتشافها، على خدمات GPS، وفق ما يؤكد محمد سليم، رئيس تعاونية الصيادين في منطقة الصرفند، جنوب لبنان.

ويتحدث سليم لموقع "الحرة" عن خسائر كبيرة في الإنتاج حيث انخفضت كمية صيد للأسماك نتيجة عدم التمكن من تحديد أماكنها، "الآن الصيد عشوائي بطريقة غير مدروسة، فقط كي لا يبقى الصيادون دون طعام."

يقول مدير برنامج الإعلام في منظمة سميكس المعنية بالحقوق الرقمية، عبد قطايا، إن نظم الملاحة الجوية والبحرية، في نهاية الأمر لديها أنظمة تحديد مواقع رديفة وبديلة عن GPS عبر الرادارات الأرضية والبحرية وموجات لتحديد المواقع وغيرها وعلى الرغم من أن عدم استفادتها من GPS قد لا يعرقل عملها نهائياً إلا أنه يزيل من طبقات الحماية التي يمثلها نظام تحديد المواقع.

لكن هذه البدائل غير متوفرة للناس العاديين الذين يعتمدون على GPS في أعمالهم وحياتهم اليومية، حيث يتم عرقلتها بصورة شبه نهائية ما يجبرهم على اللجوء إلى أساليب تقليدية في تحديد المواقع تتطلب جهداً أكبر، وأقل دقة، وفي كثير من الأحيان يفرض تكاليف إضافية.

على الأرض.. الوضع أصعب

يمكن فهم حجم تأثير التشويش على حياة الناس وتصورها، من خلال مراجعة لحجم التقنيات والأعمال والخدمات التي تعتمد على GPS في تحديدها للمواقع.

سائقو سيارات الأجرة، لاسيما العاملين على تطبيقات المواصلات، مثل "أوبر"، أو حتى الذين يعملون لحسابهم الخاص، كانوا من أبرز المتضررين، إلى جانب عمال التوصيل إلى المنازل، حيث تسبب التشويش بعرقلة واسعة لأعمالهم.

يروي حسن سعيد (٤٢ عاماً)، سائق سيارة أجرة، كيف تحولت أولى أيام التشويش إلى كابوس في عمله، حيث تفاجأ بعد رحلة طويلة إلى بيروت أن الموقع المحدد له عبر "غوغل مابس" كان يشير إلى مطار بيروت وليس إلى وجهته، وفي مرة أخرى قاده إلى عنوان عشوائي، بينما الركاب ينتظرونه في الجانب الآخر من ضواحي المدينة.

تكرر الأمر في أكثر من رحلة حتى توقف اعتماد حسن على GPS، لكنه بات مضطرا للاتصال بكل زبون للاستفسار عن موقعه بدقة، ثم البحث عن العنوان عند الوصول وسؤال الناس في المحيط، فضلاً عن عدم قدرته على تفادي زحمة السير التي كان يوفرها الاعتماد على "غووغل مابس". ما يعني تكاليف أعلى ووقت أطول وعمل أقل، مع مجهود أكبر.

حال حسن تنعكس على معظم سائقي سيارات الأجرة في بيروت، كما تتكرر في أكثر من قطاع من بينها توصيل الطلبات إلى العناوين (الديلفري)، والتي تشمل قطاعات واسعة مثل المحال التجارية والمتاجر الالكترونية ومحال الزهور والمطاعم وأصحاب المهن الحرة ومخلصي المعاملات، وكل ما يتطلب توصيلاً إلى العناوين، الذي بات يتطلب مجهوداً وتكاليف أكبر.

وصحيح أن جميع السكان يعانون من صعوبات التنقل بسبب غياب الـ GPS، إلا أن الصعوبات تستحيل أخطارا حين تعاني فرق الإنقاذ والإسعاف وإطفاء الحرائق من هذه المشكلة، حيث أفيد في أكثر من واقعة عن صعوبات واجهت هذه الفرق خلال توجهها إلى أماكن مهماتها الإنسانية، خاصة جنوب لبنان، بفعل التشويش الذي تتعرض له شبكة تحديد المواقع، وهو ما يزيد من صعوبات المهمات في زمن الحرب.

وتعتمد الكثير من معدات وتقنيات رصد الأحوال الجوية والتغيرات المناخية وتحديد مواقع الحرائق، على نظام GPS في عملها، وتتأثر بدورها بعمليات التشويش.

كذلك، وبحسب قطايا، تتأثر جودة الاتصالات في البلاد على المستوي التشغيلي، خاصة فيما يخص تواصل أعمدة بث الارسال بين بعضها البعض، والذي يعتمد على GPS لتحديد مكان كل عامود إرسال، من أجل تحويل الإشارة إليه عند تعطل أو توقف واحد منها.

حتى التطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي لم تسلم من التشويش وانعكاساته، حيث أفاد لبنانيون عن ظهور إعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير مخصصة للبلاد، بعضها يستهدف السوق الإسرائيلية، أو مخصصة لمدن ودول عربية، فضلاً عن تغييرات في خوارزميات ظهور المحتوى في المناطق الواقعة ضمن نطاق التشويش.

كذلك بالنسبة إلي تطبيقات المواعدة مثل "تندر" أو "غرايندر" التي باتت وبسبب الخلل في تحديد المواقع، تظهر في لبنان أشخاصاً بعيدين من دول أخرى. والأمر نفسه بالنسبة للألعاب الالكترونية التي تعتمد تحديد مواقع اللاعبين وتنظيمهم ضمن نطاقات جغرافية محددة.

قطاع الهندسة أيضاً سجل تأثره، خاصة في الشق الطبوغرافي، الذي يعتمد معدات تعمل بتقنية الـ GPS، والتي باتت بسبب التشويش غير صالحة للقياس، مما اضطر الكثير من مهندسي المساحة ومسّاحي العقارات إلى العودة لاستخدام أدوات أقدم مثل المناظير الخاصة بالمساحة، والتي توقف استخدامها منذ سنوات.

ما هو التشويش وبماذا يختلف عن التزييف؟

ويعمل نظام GPS بالاعتماد على الأقمار الاصطناعيّة (عددها 30 قمراً حالياً)، التي تساعد من خلال بثها لإشارات مستمرة تحمل موقعها الحالي من الأرض، في تحديد موقع أي متلق لتلك الإشارات من خلال قياس مسافة بعده عنها من خلال الوقت الذي تتطلبه الإشارة للوصول.

وهو نظامٌ تملكه حكومة الولايات المتّحدة، وتشغّله القوّة الفضائيّة الأميركية. بدأت هذه التكنولوجيا لأغراض عسكرية خاصة، قبل أن تتاح للمدنيين بصورة مجانية في جميع أنحاء العالم في وقت لاحق، بسبب دورها المحوري في النهضة التكنولوجية وحركة النقل والملاحة العالمية.

يتكون نظام التموضع العالمي من ثلاث أجزاء: الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، ومحطات السيطرة والرصد القائمة على الأرض، وأجهزة استقبال يملكها مستخدمو نظام التموضع العالمي، وهي الأجهزة التي تتلقى الإشارات التي تبثها من الفضاء الأقمار الصناعية التابعة للنظام وتتعرف عليها (مثل الهواتف أو الطائرات أو السيارات)، ومن ثم تعرضها على المستخدم في صورة مجسمة تقدم له معلومات ثلاثية الأبعاد (خط العرض وخط الطول والارتفاع) عن الموقع وعن الوقت.

يميز المتخصصون في شرحهم لمشكلة الـ GPS بين ما يسمى التشويش (Jamming) وبين التزييف أو التلاعب (spoofing)، ووفقاً لقطايا فإن التشويش يحجب الخدمة نهائيا، من خلال بث موجات راديو أقوى تطغى على إشارات الأقمار الصناعية وتحجبها، ما يؤدي إلى عدم قدرة جهاز استقبال GPS على تحديد الموقع الجغرافي، وبالتالي التشويش يطال الأجهزة الأرضية وليس الأقمار الأميركية.

أما التلاعب من خلال إظهار موقع مختلف عن الموقع الحقيقي، فيتم باستخدام موجات "جي بي اس" معدّلة، حيث يتم إرسال نقطة موقع مختلفة عن قصد.

ويمكن للتشويش أن ينطلق من محطات أرضية، قواعد عسكرية، مطارات، ويمكن لمعدات التشويش أن تكون محمولة جواً عبر مناطيد أو طائرات مسيرة أو مرفوعة على عواميد عالية.

ويلفت قطايا إلى أن نطاق التشويش على GPS حول العالم بات واسعاً، وكثير من الدول تستخدم هذا التشويش لأسباب مختلفة مثل روسيا وأوكرانيا وإسرائيل، وايران مؤخراً أيضاً حيث أصدرت تحذيرات للطيارين بشأن انقطاع نظام GPS في أجوائها.

إسرائيل مسؤولة.. ومتأثرة أيضاً

وكانت صحيفة نيويورك تايمز، قد نقلت في يوليو الماضي عن باحثين في جامعة تكساس في أوستن، تحديدهم لقاعدة جوية إسرائيلية كمصدر رئيسي لهجمات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) التي عطلت الملاحة الجوية المدنية في الشرق الأوسط.

وقال الباحثان تود همفريز وزاك كليمنتس إنهما "واثقان للغاية" من أن هجمات الانتحال انطلقت من مطار عين شيمر في شمال إسرائيل، في حين رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على استفسار الصحيفة.

واستخدم الباحثون البيانات التي أطلقها المضخم والتقطتها الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض لتحديد موقعه. ثم أكدوا حساباتهم باستخدام البيانات التي جمعوها على الأرض في إسرائيل.

وقد برز الشرق الأوسط كنقطة ساخنة للتلاعب (spoofing). ولم يذكر باحثو جامعة تكساس عدد هجمات التلاعب التي ربطوها بالقاعدة العسكرية، لكن تحليلًا منفصلاً قدر أنها أثرت على أكثر من 50 ألف رحلة جوية في المنطقة هذا العام بحسب نيويورك تايمز.

 وارتفعت معدلات الانتحال، إلى جانب التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، بشكل حاد خلال السنوات الثلاث الماضية، خاصة بالقرب من مناطق النزاع مثل أوكرانيا وغزة، حيث تتداخل الجيوش مع إشارات الملاحة لإحباط الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار.

وتقول الصحيفة أن الهجمات جعلت الطيارين يعتقدون أنهم كانوا فوق المطارات في بيروت أو القاهرة عندما لم يكونوا كذلك، وفقًا للباحثين في SkAI Data Services وجامعة زيورخ للعلوم التطبيقية، الذين قاموا بتحليل البيانات من شبكة OpenSky.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أقر في وقت سابق إنه يشوش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي وسط الحرب المستمرة على قطاع غزة، والاشتباكات مع حزب الله اللبناني، وعقب الهجوم الإيراني على إسرائيل في أبريل الماضي.

 وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، عمد الجيش الإسرائيلي إلى تشويش إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والتلاعب بها، حينما كانت تستعد اسرائيل لرد محتمل من قبل إيران أو إحدى الميليشيات المتحالفة معها بسبب الغارة الجوية التي استهدفت، مبنى دبلوماسي إيراني في سوريا.

وقال الجيش الإسرائيلي حينها إن تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، الذي يمكن استخدامه لإرباك أنظمة الاستهداف في الأسلحة، "كان جزءا من جهد لحماية البلاد".

وأضاف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري: "بدأنا تشويش نظام تحديد المواقع العالمي من أجل تحييد التهديدات، نحن ندرك أن هذا التشويش يسبب إزعاجا، لكنه أداة أساسية وضرورية في قدراتنا الدفاعية".

وبحسب التقرير، ليست هذه المرة التي تشوش فيها إسرائيل على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، منذ اندلاع حربها مع حماس في السابع من أكتوبر، مشيرا إلى أنها لجأت إلى العملية بشكل رئيسي في شمال البلاد، حيث تتبادل الضربات مع جماعة حزب الله المدعومة من إيران.

كما قامت أيضا بالتشويش على النظام في جنوب إسرائيل، خاصة حول مدينة إيلات، التي كانت هدفا الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار من قبل الميليشيات اليمنية والعراقية المدعومة من إيران.

وتضرر الإسرائيليون من هذا التشويش أيضاً، حيث رصدت تقارير عدة من بينها تقرير "وول ستريت جورنال" حالة الارتباك التي أدى إليها التشويش، والتي امتدت إلى وسط إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب، حيث قال سائق سيارة أجرة إن تطبيق الخرائط الخاص به حدد موقعه في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. 

وفي جنوب البلاد، وفي القدس والضفة الغربية، قامت أجهزة تحديد المواقع، بوضع المستخدمين في القاهرة.

ويبدو أن التشويش قد عاد ليبلغ مستويات مرتفعة، بالتزامن مع توقع رد من إيران وحزب الله وجماعة الحوثي، على عمليات قصف واغتيال أودت بحياة رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في طهران، والقيادي العسكري لحزب الله فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية الأسبوع الماضي.

حيث قالت القناة الإسرائيلية 12، الأحد، إنه تم الإبلاغ عن تشويش في نظام تحديد المواقع العالمي GPS في منطقة تل أبيب.

وأوردت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أيضاً أن مجموعة من سكان وسط إسرائيل أبلغوا عن اضطرابات في تطبيقات الملاحة مثل خرائط Google و Waze وأنظمة أخرى تستخدم نظام تحديد المواقع العالمي GPS، مشيرة إلى أن هذه التطبيقات أظهرت لبعض سائقي السيارات في تل أبيب أنهم في العاصمة اللبنانية بيروت.

وأضافت الصحيفة أنه تم الإبلاغ عن التشويش في نظام GPS على نطاق واسع في شمال إسرائيل أو مناطق قريبة من غزة، لكنه كان أقل شيوعاً في وسط إسرائيل.

انتهاك لحقوق المدنيين

يؤكد قطايا أن إسرائيل بهذا التشويش وبكونها عضو في الاتحاد الدولي للاتصالات، فإنها تنتهك المادّة 45 من دستور الاتّحاد التي تنص أنّه على الدول الأعضاء “اتّخاذ الخطوات اللازمة لمنع إرسال أو تداول إشارات الاستغاثة أو الطوارئ أو السلامة أو تحديد الهوية، الكاذبة أو الخادعة، والتعاون في تحديد المحطّات التي تبثّ هذه الإشارات الخاضعة لولايتها وموقعها."

 كما أن الاتحاد كان قد أصدر في أغسطس من العام 2022 تحذيرا للدول الأعضاء بشأن التدخّلات المتعمّدة في نظام التموضع العالمي وكافّة إشارات الاتّصال الأخرى.

وبعيداً عن المتطلبات العسكرية والأسباب الحربية لهذا التشويش، يقول قطايا "في النتيجة هناك بلد كامل وشعب كامل يعاني منذ قرابة سنة من حرمان لخدمة باتت اليوم من ضروريات الحياة وتقوم عليها قطاعات اقتصادية كاملة، وتتأثر بها عمليات الملاحة الجوية والبحرية والأرضية، المتضرر الأكبر هم الناس، ما يجري هو استخدام الخدمات المدنية وحجبها في سبيل أغراض عسكرية، وهذا بحد ذاته انتهاك لحقوق السكان المدنيين. 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(
العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله. (أرشيفية-تعبيرية(

فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، عقوبات على شبكة لبنانية تتهمها بتهريب النفط والغاز المسال للمساعدة في تمويل جماعة حزب الله اللبنانية.

وذكرت وزارة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 3 أفراد و5 شركات وسفينتين متورطين في تهريب النفط والغاز البترولي المسال لتوليد الإيرادات لحزب الله.

وأوضح البيان أن الشبكة، التي تتألف من رجال أعمال وشركات لبنانية ويشرف عليها أحد كبار قادة فريق تمويل حزب الله، سهلت شحن عشرات شحنات الغاز البترولي المسال إلى حكومة سوريا، ووجهت الأرباح إلى حزب الله.

وأشارت إلى أن العمليات غير المشروعة لتهريب النفط والغاز البترولي المسال تولد مئات الملايين من الدولارات لحزب الله، وتدعم الأنشطة الإرهابية للمجموعة.

وقال وكيل وزارة الخزانة بالوكالة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برادلي تي سميث: "يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتأجيج الاضطراب الإقليمي، ويختار إعطاء الأولوية لتمويل العنف على رعاية الأشخاص الذين يدعي أنه يهتم بهم، بما في ذلك عشرات الآلاف من النازحين في جنوب لبنان".

وأضاف: "وستواصل وزارة الخزانة تعطيل شبكات تهريب النفط وغيرها من شبكات التمويل التي تدعم آلة الحرب التابعة لحزب الله".

وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حزب الله جماعة إرهابية في 31 أكتوبر 2001.

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أنها اتخذت إجراءات متسقة لاستهداف الأفراد المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل حزب الله التي توفر عائدات بالغة الأهمية للمنظمة.

ووفقا للبيان، من بين المسؤولين البارزين في حزب الله المشاركين في هذه الجهود محمد قصير، ومحمد قاسم البزال، اللذين يديران قناة لنقل غاز البترول المسال ومشتقات النفط الأخرى نيابة عن حزب الله ويتلقيان مدفوعات مباشرة مقابل بيعها.

وفي 15 مايو 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قصير لعمله لصالح حزب الله أو نيابة عنه كقناة أساسية للصرف المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله.

وفي 20 نوفمبر 2018، صنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية البزال، أحد شركاء قصير، لدعمه لحزب الله.

كما اتخذ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية سلسلة من الإجراءات التي تستهدف عمليات تهريب النفط لحزب الله، بما في ذلك إجراء في 31 يناير 2024 استهدف شبكة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي التي حققت إيرادات بمئات الملايين من الدولارات من خلال بيع السلع الإيرانية بما في ذلك النفط، ومعظمها للحكومة السورية.

وأوضح البيان أن الشبكة التي تم تصنيفها اليوم تشمل مسؤولًا آخر رفيع المستوى في فريق تمويل حزب الله، ورجلي أعمال لبنانيين يوفران واجهة مشروعة على ما يبدو لتسهيل جهود حزب الله في تهريب النفط. وسهلت هذه الشبكة عشرات شحنات غاز البترول المسال إلى حكومة سوريا، بالعمل مع المسؤول في النظام السوري ياسر إبراهيم، الذي أدرجته وزارة الخارجية في 20 أغسطس 2020 لدوره في صفقات تجارية فاسدة استفاد منها الرئيس السوري الأسد.

وأشار البيان إلى أنه اعتبارًا من أواخر عام 2023، تولى المسؤول في حزب الله، محمد إبراهيم حبيب السيد، مسؤولية بعض الأعمال التجارية لحزب الله من البزال. وسافر السيد سابقًا مع البزال إلى جنوب شرق آسيا لتنسيق صفقات النفط المحتملة في المنطقة لفريق تمويل حزب الله. كما عمل كمحاور بين البزال ورجل الأعمال اللبناني علي نايف زغيب بشأن مشروع نفطي في موقع مصفاة في الزهراني بلبنان.

ووفقا لبيان الوزارة، فمنذ أواخر عام 2019 على الأقل، قدم زغيب، الخبير في كيمياء البترول، المشورة والمساعدة لفريق التمويل التابع لحزب الله خلف الكواليس، والتقى مع القصير والبزال لتنسيق أنشطتهم. وبصفته عضوًا في شبكة تهريب النفط التابعة لحزب الله، أمّن زغيب خزانات لتخزين، ربما النفط، نيابة عن حزب الله.

وأكد البيان أن القصير والبزال باعتبارهما من كبار مسؤولي حزب الله، حققا ربحًا من صفقات الغاز البترولي المسال مع زغيب الذي التقى بنائب لبناني واحد على الأقل تابع لحزب الله لمناقشة تمويل مشاريع النفط التابعة لحزب الله. كما نسق الزغيب مع ممول حزب الله، محمد إبراهيم بزي، بشأن المفاوضات التجارية. وفي 17 مايو 2018، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بزي لدعمه حزب الله.

كما يشارك رجل الأعمال اللبناني بطرس جورج عبيد في صفقات الطاقة لحزب الله، ويملك بشكل مشترك العديد من الشركات مع زغيب، بحسب البيان.

ولذلك لفت البيان أنه تم إدراج السيد وزغيب وعبيد لمساعدتهم ماديًا أو رعايتهم أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو لدعمه.

كما أدرجت وزارة الخزانة الشركة الأوروبية اللبنانية للتجارة الدولية التي يمثلها البزال وكانت مسؤولة عن عشرات شحنات غاز البترول المسال، التي قامت بها نقالات غاز البترول المسال "ألفا" و"مارينا" إلى ميناء بانياس في سوريا لصالح شركة "حقول"، والتي تم تصنيفها في 4 سبتمبر 2019 لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة البزال.

وأوضحت الوزارة أن البزال استخدم شركة "إليت" لتغطية نفقات التشغيل لشركتي تشغيل السفن "ألفا، ومارينا"، وبناء على ذلك، تم إدراج كل من "إليت" و"ألفا" و"مارينا" كممتلكات لحزب الله مصلحة فيها.